والمرجوحيّة في محلّ واحد وهو أصل الطبيعة.
إلى أنّ قال وإن كانت المرجوحيّة راجعة إلى إضافة الطبيعة إلى القيد من دون أن يحدث في أصل الطبيعة بسبب ذلك حزازة أصلا كما في الدرّ الثمين الموضوع في ظرف السفال فإنّ الحزازة لوضع الدرّ في الظرف المذكور من دون أن ينقص من بهاء الدرّ وحسنه شيء أصلا.
فهذا يجتمع مع رجحان أصل الطبيعة على وجه الإطلاق ولهذا قد قلنا في ما تقدّم في العبادات المكروهة مثل الصلاة في الحمّام بأنّ النهي التنزيهيّ الكراهيّ تعلّقه بعنوان العبادة الملازمة للرجحان الذاتي لا يمكن إلّا بفرضه متعلّقا بإضافة العبادة إلى القيد مثل إيقاع الصلاة في الحمّام لا إلى نفس العبادة إذ يمتنع اجتماع الضدّين في محلّ واحد وهذا يستلزم أقلّيّة الثواب يعني أنّ الطبيعة إذا لم تكن مع هذه الإضافة المستلزمة للحزازة فثوابها أكثر منها إذا كانت مع هذه الإضافة وهذا معنى قولهم أنّ النهي في العبادة بمعنى أقلّيّة الثواب إلى أن قال.
ففي ما إذا احرز أنّ المقيّد الواقع تحت النهي مطلوب ومتعلّق للأمر من حيث نفس الطبيعة الموجودة في ضمنه كما في العبادات المكروهة فاللازم هو صرف النهي إلى الإضافة بحكم العقل وإن كان على خلاف الظاهر.
وأمّا مع عدم إحراز ذلك مع وجدان النهي متعلّقا بحسب ظاهر القضيّة اللفظيّة بالمقيّد بما هو مقيّد الذي لازمه سراية النهي إلى نفس الطبيعة الموجودة في ضمنه.
فاللازم حينئذ صرف الأمر المتعلّق بالمطلق إلى المقيّد بضدّ هذا القيد بحكم العقل وإن كان ظاهر القضيّة هو الإطلاق (١).
فالحاصل أنّ النهي التنزيهيّ كالتحريميّ في كونه موجبا لتقيّد الأمر بالمطلق فيما
__________________
(١) اصول الفقه : ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.