حمليّة لا مشروطة ، وتحليلها إلى المشروطة لا يصيّرها مشروطة.
المقام الثاني : أنّ التكاليف المقرونة بأداة النداء والخطاب ، أو التكاليف المنشأة بصيغ الأمر والنهي التي تستلزم المخاطبة كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وقوله عزوجل : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) وقوله تبارك وتعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) وغير ذلك هل تكون كغيرها من التكاليف الّتي لا تستلزم المخاطبة في التعميم بالنسبة إلى الغائبين والمعدومين ، أو لا تكون كذلك؟
يمكن القول بالتعميم على وجه الحقيقة ، بيان ذلك ، أنّ أداة الخطاب. وإن كانت موضوعة لأن يخاطب بها ، والمخاطبة إنّما تقتضي أن تكون إلى مخاطب يتوجّه إليه الخطاب ، وذلك لا يعقل في حقّ المعدوم إلّا أنّه يمكن تنزيل المخاطب المعدوم منزلة المخاطب الموجود ، وادّعاء أنّه الموجود ، ومجرّد ذلك يكفي في استعمال اللفظ الموضوع للمخاطبة من دون استلزام ، لتصرّف آخر في اللفظ باستعماله في غير معناه.
والوجه في التنزيل المذكور ، أنّه لا يعقل التعميم في مدلول أداة الخطاب ، لأنّ الخطاب ، إمّا من الامور الحادثة بالأداة ، أو من الامور الّتي يكشف عنها الأداة ، سواء كانت الأداة علامة أو غيرها ، وعلى كلّ التقادير ، فالخطاب من المعاني الشخصيّة الجزئيّة التي لا تحتمل العموم ، نعم يصحّ التعميم في مدخول الأداة.
فمع ادّعاء المعدوم بمنزلة الموجود تعمّ الخطابات المذكورة لغير المشافهين أيضا.
أورد عليه بأنّ مجرّد الإمكان ، لا يكفي والتنزيل المذكور يحتاج إلى الدليل ، هذا مضافا إلى أنّ المخاطبة الحقيقيّة لا تمكن إلّا إذا كان الغير موجودا حقيقة ، بحيث يتوجّه إلى الكلام ويلتفت إليه ، وفرض الحضور والالتفات لا يوجب كون الخطاب على الحقيقة ، وإن لم تستعمل أداة الخطاب في غير معناها.
فالأولى هو أن يقال ، إنّ الخطابات إنشائيّة كالتكاليف الإنشائية وتصير فعليّة ، فيما إذا كان المخاطب موجودا وحاضرا وملتفتا وبقيت على الإنشائيّة فيما إذا لم يكن