إذ إجمال المخصّص في هذه الصور يمنع عن انعقاد ظهور العامّ في العموم بحسب المراد سواء كان الإجمال في المخصّص من جهة دورانه بين الأقلّ والأكثر ، أو دورانه بين المتباينين ، أو شكّ في الانطباق والصدق من ناحية الاشتباه في الأمور الخارجيّة ، فهذه ثلاث صور :
وأمّا المجمل المفهومي المنفصل ، فلا إشكال في جواز الأخذ بعموم العامّ ، لأنّ أصالة عدم التخصيص لا معارض لها ، ومورد الاشتباه فيه من قبيل الشبهة البدويّة بعد انحلال المفهوم إلى الأقلّ ، والأكثر ، وعليه فما لم يعلم خروج فرد من العامّ يجب الأخذ به لعدم وصول المعارض إلينا من جانب المولى ، كما عليه جرت طريقة العقلاء في مقام الامتثال للأوامر.
كما لا إشكال أيضا في عدم جواز الأخذ بالعامّ فيما إذا كان المخصّص المنفصل مردّدا بين المتباينين ، كقوله : «لا تكرم زيدا» ، وهو مردّد بين شخصين من العلماء ، وذلك لسقوط أصالة العموم بالنسبة إليهما إذ المخصّص المذكور وإن لم يوجب الإجمال في المفهوم ؛ لأنّ الظهور في العامّ منعقد ، ولكن يوجب الإجمال حكما ، لأنّ مع المخصّص المذكور يحصل العلم الإجمالي بخروج أحدهما ، ومعه يسقط العامّ عن الاعتبار بالنسبة إلى مورد التخصيص ، ومن المعلوم أنّ تعيين أحدهما بلا مرجّح وتعيين أحدهما لا بعينه ليس موردا للعامّ ، فأصالة العموم في كلّ ، طرف تعارض أصالة العموم في طرف آخر ، فإذا تعارضت أصالة العموم في كلّ طرف صار العامّ ، في حكم المجمل ، ولا يمكن التمسّك به في طرف أصلا ، فهذه خمس صور ، وبقيت صورة واحدة ، وهي ما إذا كان المخصّص منفصلا وكان الاشتباه والإجمال من ناحية الشبهة الخارجيّة ، كأن يشتبه فرد بين أن يكون فردا للخاص ، أو باقيا تحت العام ولم يكن أصل منقّح في البين ، وهذه هي الشبهة المصداقيّة.