وعليه فيمكن أن نقول بأنّ كلّ عبادة صارت متزاحمة مع الأهمّ تكون محكومة بالفساد إن أتى بها في وقت الإتيان بالأهمّ.
اورد عليه أوّلا : بعدم انطباق تلك الكبرى وهي أنّ النهي في العبادات يقتضي الفساد على النهي عن الضدّ في المقام لأنّ المراد من النهي المذكور في تلك الكبرى هو النهي النفسيّ الكاشف عن المفسدة أو البعد والمفروض في المقام أنّ النهي لا يكشف عن المفسدة ولا يكون مبعّدا لأنّه نهي غيريّ بل العقل يحكم بتحقّق المصلحة الملزمة في الضدّ المزاحم بالأهمّ إذ لا مزاحمة بين المقتضيات وإنّما التزاحم في مقام الامتثال.
ومع عدم الانطباق لا ينتج القياس المذكور فساد العبادة إذا صارت متزاحمة مع الأهمّ.
وثانيا : أنّه لو سلّمنا كشف النهي الغيريّ عن المفسدة لا يكفي مجرّد ذلك في الحكم ببطلان فعل العبادة لإمكان مزاحمة مصلحة الفعل ذاتا مع المفسدة المكشوفة بالنهي الغيريّ وغلبتها عليها.
ألا ترى أنّ مصلحة الصوم في يوم عاشوراء تتزاحم مع مفسدة التشابه ببني أميّة وتترجّح عليها ولذا يكون الصوم المذكور محكوما بالصحّة وإن كان مكروها.
وعليه فمجرّد كشف النهي الغيريّ عن المفسدة في الفعل لا يكفي في الحكم ببطلان العبادة بل اللازم هو غلبة المفسدة الغيريّة المكشوفة على مصلحة نفسيّة للعبادة وبالجملة فمع بقاء مصلحة العبادة على ما هي عليها يكفي قصدها لتحقّق العبادة سواء قلنا باستلزام الأمر بالأهمّ للنهي عن المهمّ أو لم نقل وسواء قلنا بكشف النهي الغيريّ عن المفسدة أو لم نقل وعليه فلا ثمرة للمسألة.
ودعوى أنّ فساد العبادة لا يحتاج إلى استلزام الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه لكفاية عدم الأمر في الحكم بفساد العبادة والمفروض هو سقوط الأمر بمزاحمة الأهمّ.
فلا مجال لتصحيح العبادة فيما إذا كانت متزاحمة بالأهمّ سواء قلنا بالاستلزام أو