المفهوم ما لم تفد الحصر فإثبات المفهوم إنّما هو بإطلاق الكلام وهو أحد الطرق التي تشبث بها المتأخّرون.
ومحصله أنّ غاية ما يقتضي الدليل المذكور أنّ القيد دخيل في الحكم وليس الحكم متعلقا بذات الموضوع بلا قيد وإلّا لزم اللغوية وأنّ الموضوع مع هذا القيد تمام الموضوع للحكم فيترتّب على المقيّد به الحكم بلا انتظار قيد آخر وهو مقتضى الإطلاق أي عدم التقيد بقيد آخر.
وأمّا عدم تعلق سنخ هذا الحكم بموضوع أخر وهو ذات الموضوع مع قيد آخر فلا يكون مقتضى إتيان القيد ولا إطلاق الموضوع انتهى موضع الحاجة (١).
وثالثا : أنّ مع كون دلالة الألفاظ بما هو أفعال دلالة اجمالية كيف يفهم من المنطوق عدم ثبوت الوجوب عند عدم المجيء مع إنكار المتكلّم إيّاه.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ البحث عن المفاهيم بعد ما عرفت أنّ معنى المفاهيم هي القضايا غير المذكورة التي تستلزمها الخصوصيّة المذكورة يكون من مباحث الأصوليّة اللفظيّة فإنّ الدالّ عليها هو الألفاظ غاية الأمر أنّ الألفاظ دلالتها على المنطوق بالمطابقة وعلى المفاهيم بالدلالة الالتزاميّة وليست مسألة المفاهيم من المسائل الأصوليّة العقليّة فإنّ المسائل العقلية لا ارتباط لها بدلالة الألفاظ كمسألة مقدّمة الواجب فإنّ الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب مقدّماته عقليّ ولا ارتباط له بمباحث الألفاظ.
ولكن ذهب في المحاضرات إلى إمكان أن يقال أنّ مسألة المفاهيم من المسائل العقليّة أيضا وقال والوجه في ذلك هو أنّ الحيثيّة التي تقتضي المفهوم وتستلزمه وهي العلّيّة المنحصرة. وإن كانت مدلولا لفظيّا وضعا أو إطلاقا حيث أنّ الدالّ عليها هو
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٨٢.