وأمّا المفهوم فإنّه يطلق على معنى يفهم من اللفظ بالدلالة الالتزاميّة نظرا إلى العلاقة اللزوميّة البيّنة بالمعنى الأخص إلى أن قال.
وهذه الدلالة مستندة إلى خصوصيّة موجودة في القضيّة التي قد دلّت عليها بالمطابقة أو بالإطلاق والقرينة العامّة مثلا دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم وهو الانتفاء عند الانتفاء مثلا تقوم على أساس دلالتها على كون الشرط علّة منحصرة للحكم وضعا أو إطلاقا على ما يأتي (١).
ولعلّ إليه يرجع ما حكى عن الحاجبي أيضا حيث قال المنطوق هو ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق والمفهوم ما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق (٢).
أي أنّ المنطوق هو المدلول المطابقي للفظ بخلاف المدلول الالتزامي فإنّه ليس مدلولا في محلّ النطق بل لا ينتقل الذهن إليه إلّا بواسطة الملازمة التي تكون بين مدلول اللفظ وبينه فهو معنى خارج عن محلّ النطق أي ليس مدلولا لنفس اللفظ ابتداء وبلا واسطة.
وكيف كان فالمفهوم المستفاد من القضيّة غير المذكورة حكم غير مذكور في شخص القضيّة المذكورة لا أنّه حكم لغير مذكور سواء كان الحكم مذكورا أو غير مذكور.
وممّا ذكر يظهر ما في محكي كلام العضدي حيث قال : المفهوم هو حكم لغير مذكور لما عرفت من أنّ الحكم المستفاد من القضيّة غير المذكورة غير مذكور هذا مضافا إلى أنّ موضوع القضيّة غير المذكورة ربّما يكون مذكورا بسنخه كما في مفهوم الموافقة إذ الأفّ في مثل قوله عزوجل : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) يكون أدنى ما يتزجّر به الوالدان وهو من سنخ سائر ما يتزجّران به كالشتم والضرب ونحوهما فالموضوع في
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ٥٤ و ٥٥.
(٢) مطارح الانظار : ص ١٦٧.