أصلا ولم يكن لجعل الإباحة أيضا مصلحة ، فلا بدّ وأن لا تكون محكومة بحكم ، والإباحة العقليّة غير الشرعيّة المدّعاة ، ومع خلوّها عن الجواز الشرعيّ لا يلزم المحذور المتقدّم (١).
هذا مضافا إلى ما في الكفاية من أنّ عدم خلوّ الواقعة عن الحكم فهو إنّما يكون بحسب الحكم الواقعيّ لا الفعليّ (٢).
ويستدلّ للمقدّمة الثالثة بأنّ نفس تصوّر الوجوب والإلزام يكفي في تصوّر الحرمة والنهي عن الضدّ الخاصّ على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ. وعليه ، فنفس تصوّر وجوب ترك الصلاة لكونه مقدّمة للإزالة أو متلازما لها كاف في تصوّر النهي عن الصلاة وحرمتها من دون حاجة إلى أمر زائد ، وإن أبيت عن ذلك ، فلا أقلّ من أن يكون كذلك بنحو اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ.
اورد عليه بأنّ غايته هو الانتقال التصوّري ، وهو مضافا إلى ممنوعيّته لجواز الغفلة عنه أنّه لا يفيد لأنّه صرف انتقال تصوّريّ ، فلا دليل على أنّ المولى أراده واعتبره حراما حتّى يكون نهيا شرعيّا ، ومجرّد الانتقال من شيء إلى شيء لا يستلزم اعتبار الشارع حرمة ضدّه.
وإذا عرفت ذلك في اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، فالأمر في اللزوم البيّن بالمعنى الأعّم أوضح.
وإن اريد من دعوى أنّ الأمر بالشيء مستلزم للنهي عن ضدّه اللزوم الواقعيّ بأن يدّعي أنّ المولى إذا أمر بشيء فلازمه أن ينهى عن نقيضه ، ففيه كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أنّه واضح الفساد ، ضرورة أنّ الصادر من المولى ليس إلّا الأمر.
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ١٨.
(٢) الكفاية : ١ / ٢١٠.