المحاذير المذكورة.
فتحصّل أنّه لا إشكال في المقدّمة الاولى من دعوى الملازمة بين وجود شيء وعدم ضدّه بالمعنى الذي قلناه ، ولا فرق في صحّة هذه الدعوى بين أن يكون الضدّان كالحركة والسكون ممّا لا ثالث لهما ، وبين أن يكونا كالسواد والبياض أو القيام والجلوس ممّا لهما الثالث ؛ إذ الملازمة في كلّ واحد منهما بين وجود الضدّ وعدمه متحقّقة ، وإنّما الاختلاف بينهما في كون الاستلزام في الأوّل من الطرفين ، إذ وجود كلّ منهما يستلزم الآخر كما يكون عدم كلّ واحد يستلزم وجود الآخر دون الثاني ، فإنّ وجود كلّ واحد منهما يستلزم عدم الآخر دون العكس ، إذ يمكن انتفاؤهما معا ؛ فاستلزام وجود الضدّ لعدم ضدّه أمر يشترك فيه جميع الأضداد ، بخلاف استلزام عدم الشيء لوجود ضدّه فإنّه مخصوص بالضدّين اللذين لا ثالث لهما ، ولا ضير فيه بعد كون ملاك الملازمة هو ملازمة وجود كلّ ضدّ لعدم ضدّه الآخر.
يستدلّ للمقدّمة الثانية بأنّ حكم المتلازمين لزم أن يكون متوافقين وإلّا يلزم أن يكون محكوما بحكم آخر لعدم جواز خلوّ الواقعة عن حكم ، وحيث إنّ ما عدا الوجوب مشترك في جواز الترك ، فإذا لم يكن محكوما بالوجوب لجاز تركه ، ومع جواز ترك اللازم لزم إمّا خروج الواجب عن وجوبه وهو خلف ، أو التكليف بما لا يطاق ، وكلاهما باطل.
وفيه : أوّلا : كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّ العدم ليس من الوقائع فإنّه بطلان محض لا يمكن أن يكون بما هو محكوما بحكم. وما ترى من نسبة الحكم إلى بعض الأعدام لا بدّ من إرجاعه إلى مقابلاته كوجوب تروك الإحرام وتروك المفطرات (١).
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ١٨.