الانتزاعيّة منه ، فكون الموضوع بحيث لا بياض له هو بحيث يكون قابلا لعروض السواد ، فمتمّم القابليّة كنفس القابليّة حيثيّة انتزاعيّة ، وثبوت شيء لشيء لا يقتضي أزيد من ثبوت المثبت له بنحو يناسب ثبوت الثابت (١).
وفيه ما تقدّم من سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّ قابليّة المحلّ من شئونه في وجوده ولا دخالة للعدم فيها ، فالجسم قابل للسواد كان موصوفا بالبياض أوّلا ، ولا يتوقّف قابليّته له على عدمه وعدم قبوله للسواد في حال اتّصافه بالبياض لأجل التمانع بين الوجودين ، لا لتوقّف القابليّة على عدم الضدّ ، ضرورة أنّ العدم واللّاشيء لا يمكن أن يكون مؤثّرا في تصحيح القابليّة ، بل لا يكون شأن الامور الخارجيّة ولا منتزعا منها. إلخ ، فراجع.
فتحصّل أنّ عدم النقيض أو الضدّ في عين عدم اختصاصه بمرتبة النقيض أو الضدّ لا تقدّم له من أنواع التقدّم ، فلا وجه لتعلّق الوجوب المقدّميّ إليه بعد عدم اتّصافه بالتقدّم والمقدّميّة.
ومنها ما أفاده في الكفاية أيضا من استحالة كون عدم أحد الضدّين مقدّمة وجوديّة للضدّ الآخر للزوم الدور ، إذ التمانع بينهما لو كان موجبا لتوقّف وجود كلّ منهما على عدم الآخر ، من باب توقّف المعلول على عدم مانعة ، لاقتضى ذلك توقّف عدم كلّ منهما على وجود الضدّ الآخر ، من باب توقّف عدم الشيء على وجود مانعة ، فيلزم حينئذ توقّف وجود كلّ منهما على عدم الآخر وتوقّف عدم كلّ منهما على وجود الآخر ، وهو دور محال.
واجيب عنه بأنّ توقّف وجود أحد الضدّين على عدم الآخر فعليّ ، لأنّ الشيء ما لم يوجب لم يوجد ، فوجود أحد الضدّين حاك عن اجتماع مقتضيه مع الشرائط
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٥ ـ ٣.