ولكن ذهب المحقّق الأصفهانيّ قدسسره إلى أنّ ملاك التقدّم في عدم الضدّ موجود وهو التقدّم بالطبع ، حيث قال : ملاك التقدّم بالعلّيّة أن لا يكون للمعلول وجوب الوجود إلّا وللعلّة وجوبه ، وملاك التقدّم بالطبع أن لا يكون للمتأخّر وجود إلّا وللمتقدّم وجود ، ولا عكس ، فإنّه يمكن أن يكون للمتقدّم وجود وليس للمتأخّر وجود ، كالواحد والكثير ، فإنّه لا يمكن أن يكون للكثير وجود إلّا والواحد موجود ، ويمكن أن يكون الواحد موجودا والكثير غير موجود ، فما فيه التقدّم هنا هو الوجود وفي التقدّم بالعلّيّة وجوب الوجود.
ومنشأ التقدّم الطبعيّ تارة يكون المتقدّم من علل قوام المتأخّر كالجزء والكلّ والواحد والاثنين فيسري إلى الوجود ، فيكون التقدّم في مرتبة التقدّم الماهويّ تقدّما بالماهيّة والتجوهر ، وفي مرتبة الوجود تقدّما بالطبع ، واخرى كون المتقدّم مؤثّرا فيتقوّم بوجوده الأثر كالمقتضي بالإضافة إلى المقتضي ، وثالثه كون المتقدّم مصحّحا لفاعليّة الفاعل أو متمّما لقابليّة القابل كالشروط الوجوديّة والعدميّة ، فكما أنّ الوضع والمحاذات مصحّح لفاعليّة النار في الإحراق مثلا كذلك خلوّ المحلّ عن الرطوبة متمّم لقابليّة المحلّ للاحتراق. وهكذا الأمر في السواد والبياض ، فإنّ خلوّ الموضوع عن السواد متمّم لقابليّة الموضوع لعروض البياض ، لعدم قابليّة الجسم الأبيض للسواد والأسود للبياض ـ إلى أن قال ـ : واتّضح ممّا ذكرنا في تحديد ملاك التقدّم بالطبع أنّ الصلاة والإزالة لهما التقدّم والتأخّر بالطبع ، فإنّه لا وجود للإزالة مثلا وإلّا فالصلاة غير موجودة ، وكذا الصلاة بالإضافة إلى ترك الإزالة ـ إلى أن قال ـ : وأمّا ما يقال من أنّ العدم لا ذات له ، فيكف يعقل أن يكون شرطا؟! لأنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، فمدفوع بأنّ القابليّات والاستعدادات والإضافات وأعدام الملكات كلّها لا مطابق لها في الخارج بل شئون وحيثيّات انتزاعيّة لامور موجودة ؛ فعدم البياض في الموضوع الذي هو من أعدام الملكات كقابليّة الموضوع من الحيثيّات