عقلا ـ ولو لم نقل بالملازمة ـ لا يحتاج (١) إلى مزيد بيان ومئونة برهان ؛ كالإتيان بسائر المقدمات في زمان الواجب قبل إتيانه.
فانقدح بذلك (٢) : أنه لا ينحصر التفصي عن هذه العويصة بالتعلق بالتعليق ، أو بما يرجع إليه من جعل الشرط من قيود المادة في المشروط.
______________________________________________________
(١) قوله : «لا يحتاج ...» إلخ خبر ـ لقوله : ـ «لزوم الإتيان بها عقلا» أي : الإتيان بهذه المقدمة ليس إلّا «كالإتيان بسائر المقدمات في زمان الواجب قبل إتيانه» ، فهذا الكلام من المصنف تنظير لمقدمات الواجب قبل زمانه بمقدماته في زمان الواجب في الوجوب العقلي.
وحاصل التنظير : أنه كما تجب المقدمات الوجودية في زمان الواجب قبل إتيانه ، فكذلك تجب مقدماته الوجودية قبل زمان إتيان الواجب مع فعلية وجوبه.
وكيف كان ؛ فلا إشكال ـ على جميع الأقوال المذكورة ـ في وجوب الإتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب ، إذا لم يقدر عليه في زمانه ، وأما على مذهب الشيخ والفصول «قدسسرهما» فالأمر واضح ؛ لأن القيد راجع إلى المادة ، ومقتضاه : فعلية الوجوب. وأما على مذهب المصنف القائل بالوجوب المشروط المشهوري : فلجواز الشرط المتأخر بالمعنى المتقدم الذي مرجعه إلى الشرط المقارن.
(٢) أي : بما ذكرناه. من فعلية وجوب ذي المقدمة إذا كان مشروطا بشرط متأخر ، وكانت فعلية وجوبه كافية في وجوب مقدماته ـ انقدح : «أنه لا ينحصر التفصي عن هذه العويصة ...» إلخ ، أي : فظهر بما ذكرناه من كفاية الالتزام بالواجب المشروط بنحو الشرط المتأخر في وجوب المقدمة : أنه لا ينحصر التفصي عن إشكال وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها بالتشبث بالواجب المعلق ، أو بما يرجع إلى الواجب المعلق ؛ من جعل الشرط من قيود المادة كما هو مسلك الشيخ الأنصاري ، والأول من صاحب الفصول أي : التخلص عن الإشكال ، والتفصي عنه لا ينحصر بالتشبث بالواجب المعلق كما عن الفصول ، أو بما صنعه الشيخ من رجوع القيود إلى المادة في الواجب المشروط.
بل هنا لنا جواب ثالث : وهو كون الوجوب فعليا ومشروطا بنحو الشرط المتأخر ، فتجب مقدماته من دون الحاجة إلى ما تشبث به صاحب الفصول والشيخ الأنصاري «قدسسرهما» ، أو بالتشبث بوجوه أخر من «الوجوب النفسي التهيّئي المنسوب إلى المحقق التقي في حاشيته ، ومن «الوجوب العقلي الإرشادي لحكم العقل بتنجز الواجب بعد وقته بالقدرة لأجل التمكن من تحصيل مقدماته قبل شرط الوجوب» ، ومن «الوجوب العقلي الإرشادي لأجل حكمه بلزوم حفظ غرض المولى».