.................................................................................................
______________________________________________________
اتصاف العبادة التي تكون أقل ثوابا من الأخرى بالكراهة ؛ كاتصاف الصوم بالكراهة لكونه أقل ثوابا من الصلاة.
ولزوم اتصاف ما لا مزية فيه ولا منقصة بالاستحباب ، لأنه أكثر ثوابا مما فيه المنقصة ، ثم قال في الفصول : لا يمكن الالتزام بهما.
يعني : لا يرد شيء من هذين الإشكالين على تفسير العبادة المكروهة بأقلية الثواب ؛ لأن المراد بالأقلية هي الأقلية بالنسبة إلى الفرد الآخر ؛ لا الأقلية بالنسبة إلى الطبيعة الأخرى ؛ كأقلية ثواب الصلاة في الحمام من الصلاة في الدار ، ويلزم الاختلاف في مصلحة نفس الطبيعة من جهة تشخصها بما لا يلائم نفس الطبيعة ، وأكثرية ثواب الصلاة في المسجد لأجل تشخصها بما يلائم الطبيعة.
وكيف كان ؛ فالنهي في هذا القسم الثاني لا يصح إلّا للإرشاد إذا كانت الكراهة في العبادة بمعنى : أقلية الثواب حيث يكون النهي إرشادا إلى منقصة حاصلة في الطبيعة بواسطة تشخصها بغير الملائم للطبيعة ؛ ككون الصلاة في الحمام مثلا.
٥. أما القسم الثالث : وهو ما تعلق به النهي لا بذات العبادة ؛ بل بما هو مجامع معها وجودا أو ملازم لها خارجا ؛ كالصلاة في مواضع التهمة. فحاصل الجواب عنه : أنه يمكن أن يكون النهي مولويا ، ويمكن أن يكون إرشاديا. وعلى التقديرين : لا يكون النهي دليلا على جواز الاجتماع ؛ لأن النهي على الأول لا يسند إلى العبادة حقيقة ؛ بل بالعرض والمجاز ؛ لأن المنهي عنه هو ذاك العنوان المتحد مع العبادة. كالكون في مواضع التهمة ، أو الملازم لها فيما إذا كانت الصلاة عبارة عن الأقوال والأفعال ، ففي الحقيقة لا تكون الصلاة منهيا عنها ، فلا يجتمع فيها الكراهة والوجوب ، ولا الأمر والنهي حتى يقال بجواز الاجتماع.
وأما على الثاني : أعني كون النهي للإرشاد. فلا ينافي الأمر المولوي حتى يكون دليلا على الجواز.
وكيف كان ؛ فيكون النهي حقيقيا إرشاديا ؛ بأن يكون النهي عن الصلاة في مواضع التهمة إرشادا إلى الصلاة في غيرها ؛ كالصلاة في الدار والمسجد.
٦. الفرق بين الأقسام الثلاثة : أنه لا يصح حمل النهي على الإرشاد بمعنى : أقلية الثواب في القسم الأول الذي لا بدل له أصلا ؛ إذ لا يتصور أقلية الثواب في مثل صوم يوم عاشوراء. نعم ؛ يمكن أن يحمل النهي على الإرشاد إلى ترك صوم يوم عاشوراء ؛ لانطباق عنوان راجح عليه.