كما انقدح حال اجتماع الوجوب والاستحباب فيها ، وأن الأمر الاستحبابي
______________________________________________________
على حالها ، ولا ينقص منها شيء ، غاية الأمر : أنه يزاحمها مصلحة أقوى منها ، وهذا غير نقصان مصلحة الطبيعة لأجل تشخصها بمشخص غير ملائم لها.
نعم قد تقدم في القسم الأول : إمكان حمل النهي فيه على الإرشاد إلى ترك طبيعة صوم عاشوراء لانطباق عنوان راجح عليه ؛ لكنه غير حمله على الإرشاد إلى أقلية الثواب بالمعنى المذكور ، أعني : الإرشاد إلى ترك فرد من الطبيعة فيه حزازة ومنقصة ، والإتيان بفرد آخر منها لا حزازة فيه ولا منقصة كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٣١».
قوله : «مطلقا» أي : سواء قيل بالجواز أم الامتناع.
وحاصل الكلام في المقام : أنه لا مجال لتفسير الكراهة في العبادة بأقلية الثواب في القسم الأول. بأن يكون النهي إرشادا إلى الترك الذي هو أرجح من الفعل. أما على الجواز : فلعدم المقتضي لحمل النهي على الإرشاد بعد إمكان حمله على المولوي ؛ لتعدد متعلق الأمر والنهي ، والحمل على الإرشاد إنما هو لعدم إمكان حمله على المولوي.
وأما على الامتناع : فلعدم بدل للعبادة كصوم عاشوراء حتى يكون النهي إرشادا إلى سائر أفراد الطبيعة المأمور بها مما لا منقصة فيه.
وكيف كان ؛ فلما كان وجه عدم حمل الكراهة في القسم الأول على الإرشاد انتفاء الفرد الآخر لا يعقل الفرق بين القول بجواز الاجتماع والقول بامتناعه فقال : «إنه لا مجال أصلا لتفسير الكراهة في العبادة بأقلية الثواب في القسم الأول مطلقا».
قوله : «وفي هذا القسم على القول بالجواز ...» إلخ. أي : في القسم الثالث يعني : وقد ظهر مما ذكرنا : أنه لا مجال لحمل النهي على أقلية الثواب في القسم الثالث أيضا على القول بالجواز ؛ إذ على هذا القول يتعدد متعلق الأمر والنهي ، ويستريح القائل بالجواز من دفع الإشكال ، فيبقى ظهور النهي على حاله ، ولا داعي إلى ارتكاب التأويل فيه بحمله على الإرشاد أو غيره من التأويلات. وكذا الحال على القول بالامتناع في صورة الملازمة ؛ لتعدد متعلق الأمر والنهي وجودا أيضا.
نعم ؛ على القول بالامتناع والاتحاد تنقص مصلحة الطبيعة ؛ لتشخصها بما لا يلائمها ، فيحمل النهي عنها على الإرشاد إلى نقصان المصلحة ، والإتيان بالطبيعة في ضمن سائر الأفراد التي لا تتحد مع ذلك العنوان الموجب للحزازة والمنقصة.
قوله : «كما انقدح حال اجتماع الوجوب والاستحباب» ، إشارة إلى الجواب عن اجتماع الوجوب والاستحباب في العبادات. كالصلاة في المسجد ..
وحاصل الجواب : أن الأمر الاستحبابي بالصلاة جماعة أو في المسجد مثلا يمكن