الكراهة والإيجاب أو الاستحباب في مثل الصلاة في الحمام ، والصيام في السفر ، وفي عاشوراء ولو في الحضر ، واجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب ، في مثل الصلاة في المسجد أو الدار (١).
والجواب عنه : أما إجمالا : فبأنه لا بد من التصرف والتأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع ، بعد قيام الدليل على الامتناع ، ضرورة : أن الظهور لا يصادم البرهان ، مع إن قضية ظهور تلك الموارد : اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك ، بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين فهو (٢) أيضا ـ
______________________________________________________
أما الجواب عنه إجمالا فمرجعه إلى أمرين :
أحدهما : أن أدلة العبادات المكروهة في الأمثلة المذكورة ظاهرة في جواز اجتماع الحكمين ، فيقال في الجواب : أنه بعد قيام البرهان العقلي والدليل القطعي على استحالة الاجتماع في شيء واحد ذي عنوانين لا بد من التصرف والتأويل فيما ظاهره الاجتماع ، ضرورة : أن ظهور الأدلة في الاجتماع لا يقاوم البرهان العقلي على الامتناع ؛ لأنهما من قبيل النص والظاهر في لزوم رفع اليد عن الظهور بالنص وارتكاب التأويل في الظهور ، ومعه لا يبقى ظهور في اجتماع الحكمين في الموارد المذكورة.
وكيف كان ؛ فقد ظهر وجه الإجمال ، وأن المصنف لم يبين كيفية التصرف والتأويل.
ومجمل الكلام في المقام : أنه بعد التأويل يسقط ظهور الأدلة في الاجتماع عن الحجية والدليلية هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
ثانيهما : أن المجوز قد ادعى الجواز فيما إذا كان الاجتماع بعنوانين بينهما عموم من وجه كما في (صل ولا تغصب) لا بعنوان واحد ، كما في العبادات المكروهة كقوله : (صلّ ولا تصل في الحمام) وعليه : فالمجوز أيضا ممن يجب عليه التخلص عن هذه العويصة. هذا ما أشار إليه بقوله : «ولا يقول الخصم بجوازه كذلك» أي : لا يقول : بجواز الاجتماع بعنوان واحد.
(١) فإن أتينا بالفريضة في الدار فقد اجتمع فيها الوجوب مع الإباحة ، وإن أتينا بالفريضة في المسجد فقد اجتمع فيها الوجوب مع الاستحباب أو الاستحباب مع الاستحباب كما لو أتينا بالنافلة في المسجد.
(٢) فالخصم القائل بجواز الاجتماع مع تعدد العنوان والجهة كالقائل بالامتناع مطلقا لا بد له من التفصي عن إشكال اجتماع الحكمين بعنوان واحد في الموارد المذكورة.