وذهاب البعض إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ، ليس بمعنى دلالة اللفظ ؛ بل بدعوى : أن الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنين ، وأنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ، وإلا (١) فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي ، غاية (٢) الأمر دعوى :
دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع ، فتدبر جيدا.
______________________________________________________
يكون هذا لأجل الحصر والانحصار كما أشار إلى توجيه التعبير المذكور بقوله : «إلّا إنه لكون الدلالة عليهما غالبا».
وحاصل التوجيه : أن غلبة كون الدال على الأمر والنهي هو اللفظ ؛ دعت إلى التعبير عن الوجوب والحرمة بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ، ولعل هذه الغلبة أوجبت ذكرها في مباحث الألفاظ.
وقد أشار إلى الجواب عن الوجه الثاني بقوله : «وذهاب البعض إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا».
وحاصل الجواب عن الوجه الثاني : هو أن ذهاب البعض كالمحقق الأردبيلي «قدسسره» إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ؛ ليس بمعنى دلالة لفظ الأمر والنهي على الامتناع ؛ حتى يكون من أكبر الشواهد على كون هذا المسألة لفظية ، بل معنى هذا التفصيل : أن الواحد المعنون بعنوانين اثنان بالنظر الدقيق العقلي ، وواحد بالنظر المسامحي العرفي ، فلهذا يحكم العقل بجواز الاجتماع ، والعرف بامتناعه. فكون هذه المسألة لفظية مرفوض عند المصنف ؛ إذ لا شهادة في المعنى المذكور على كون المسألة لفظية لا عقلية.
(١) أي : وإن لم يكن مراد المفصل ما ذكرناه من الامتناع العرفي ؛ الذي مرجعه إلى كون الواحد ذي الوجهين واحدا بنظر العرف ؛ لم يكن للامتناع العرفي معنى محصل ؛ لأن امتناع اجتماع الضدين حكم عقلي ، فلا معنى لجوازه عقلا ، وامتناعه عرفا.
(٢) يعني : يمكن أن يكون الامتناع العرفي بمعنى : دلالة لفظ الأمر والنهي على عدم وقوع الاجتماع بعد اختيار جواز الاجتماع عقلا ، ولا يكون الامتناع العرفي بمعنى عدم جواز الاجتماع بعد حكم العقل بالجواز ، كي يلزم الانفكاك بين حكم العقل وحكم العرف.
وكيف كان ؛ فبعد توجيه الامتناع العرفي ـ بكون الواحد ذي الوجهين واحدا بنظر العرف ؛ غير جائز عقلا اجتماع الحكمين فيه ـ لا بدّ من التصرف في قول المفصّل : ـ بامتناع الاجتماع عرفا ـ بأن يقال : إن اللفظ يدل على عدم الوقوع بعد اختيار الجواز عقلا ، لا أنه يدل على الامتناع حتى يتوهم كون المسألة لفظية.
فنتيجة البحث : أنه لا يشهد هذا التفصيل على كون المسألة لفظية محضة.