عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي : أن تعدد الوجه والعنوان في الواحد يوجب تعدد متعلق بالأمر والنهي ، بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه
______________________________________________________
المغصوبة في كلتا المسألتين ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، فلا وجه لجعلهما مسألتين ، بل هما مسألة واحدة.
وأما حاصل ما أفاده في دفع التوهم المذكور : فتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أنه كما أن تمايز العلوم بالأغراض ؛ كذلك يمكن أن يكون تمايز المسائل بها اتحد الموضوع أو تعدد ، ويمكن أن يكون تمايزها باختلاف جهة البحث.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الفرق بين المسألتين بكلا الأمرين موجود في المقام.
أما التمايز والفرق بينهما بالأمر الأول ـ وهو الغرض ـ : فلأن الغرض في هذه المسألة هو إثبات سراية كل من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر مع تعدد العنوان ؛ كما يسرى في العنوان الواحد ، أو عدم سرايته ، هذا بخلاف مسألة النهي في العبادة ؛ فإن الغرض فيها ـ بعد الفراغ عن السراية ـ هو : إثبات الفساد أو عدمه ، ولذا تكون هذه المسألة ـ بعد القول بالامتناع وتقديم جانب النهي ـ من صغريات تلك المسألة ؛ بخلاف ما لو قلنا بالجواز أو قلنا بالامتناع ، وقدمنا الأمر ، أو تساويا ، فلا تكون من صغرياتها.
وأما التمايز والفرق بينهما بالأمر الثاني ـ وهو اختلاف جهة البحث ـ : فلأن الاختلاف بينهما إنما هو باختلاف جهة البحث في كلّ من المسألتين ؛ حيث إن جهة البحث في هذه المسألة هي : أن تعدد العنوان هل يوجب تعدد المعنون ، حتى يخرج عن الواحد الذي يمتنع اجتماع الحكمين المتضادين فيه ، فلا يسري كل من الحكمين إلى متعلق الآخر أم لا يوجبه؟ بل هو واحد فيسري كل من الأمر والنهي من متعلقه إلى متعلق الآخر فيتحد مجمعهما ، ويكون المجمع حينئذ لوحدته محكوما بأحد الحكمين دون كليهما ، لتضادهما ، وامتناع اجتماع المتضادين.
بخلاف مسألة النهي في العبادة ؛ فإنّ الجهة المبحوث عنها فيها هي دلالة النهي على الفساد وعدمها ، بعد الفراغ عن كون متعلق النهي عين ما تعلق به الأمر ، فلا جهة جامعة بين جهتي البحث في المسألتين.
نعم ؛ لو بنى على الامتناع ، وتقديم جانب الحرمة ؛ كان المورد من صغريات تلك المسألة.
وكيف كان ؛ فالفرق بين المسألتين في غاية الوضوح ، حيث نبحث في هذه المسألة عن السراية ، وتعلق النهي بنفس ما تعلق به الأمر ، وفي المسألة الآتية عن دلالة النهي على الفساد ؛ بعد الفراغ عن تعلق النهي بعين ما تعلق به الأمر.