بعض مراتبه الأخر ، بأن يكون النزاع في أن أمر الآمر يجوز إنشاؤه مع علمه بانتفاء شرطه ، بمرتبة فعليّته (١).
وبعبارة أخرى : كان النزاع في جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعلية ، لعدم شرطه لكان (٢) جائزا.
وفي وقوعه (٣) في الشرعيات والعرفيات غنى وكفاية ، ولا يحتاج معه إلى مزيد بيان أو مئونة برهان.
وقد عرفت (٤) سابقا : أن داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدا
______________________________________________________
(١) بأن ينشئ الحكم مع العلم بأنه لا يصير فعليا بالنسبة إلى المكلف لفقدان شرط فعليته.
(٢) جواب ـ لو ـ في قوله : «لو كان المراد من لفظ الأمر الأمر ببعض مراتبه».
(٣) يعني في وقوع الأمر الإنشائي من دون بلوغه إلى الفعلية «في الشرعيات» كموارد الطرق والأمارات التي هي على خلاف الواقع ، فإن الواقعيات محفوظة في مقام الإنشاء ، ولكنها لم تصل إلى مرتبة الفعلية لعدم قيام الحجة عليها ، بل وكالأحكام الإنشائية التي لم تصل إلى الفعلية في أوائل البعثة ، بل إلى الآن مما أودع عند الحجة «صلوات الله عليه». «والعرفيات» كالأوامر العامة للحكومات التي تشمل بلفظها جميع الأفراد مع عدم وصولها إلى مرتبة الفعلية بالنسبة إلى بعض ؛ لعدم قيام الحجة عنده «غنى وكفاية» لإثبات إمكان الأمر الإنشائي مع عدم الوصول إلى الفعلية.
«ولا يحتاج معه» أي : مع وقوعه في الشرعيات والعرفيات «إلى مزيد بيان أو مئونة برهان» ، لأن أدل الدليل على الشيء وقوعه في الخارج. كما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٢ ، ص ٢٥٨».
(٤) يعني : قد عرفت في المبحث الأول في معاني صيغة الأمر : أن الأمر دائما يستعمل في الطلب الإنشائي ، والاختلاف إنما هو في دواعي الإنشاء ، فتارة : يكون الداعي إلى ذلك الطلب هو الطلب الحقيقي الجدّي ، وأخرى : امتحان العبد ، وثالثة : التسخير أو التعجيز إلى غير ذلك من دواعي الإنشاء.
والمتحصل من مجموع كلام المصنف في هذا المقام : أنه يمكن تصوير النزاع على وجوه ثلاثة :
الأول : إنه هل يجوز التكليف بغير المقدور أم لا؟ وهو الذي اختلف فيه العدلية والأشاعرة ولعل صدر عنوان البحث ناظر إلى هذا الوجه بقرينة التعليل بقوله : «ضرورة :