وجه لدعوى العينية ، ضرورة : (١) أن اللزوم يقتضي الاثنينية لا الاتحاد والعينية.
نعم ؛ لا بأس بها (٢) ، بأن يكون المراد بها أنه يكون هناك طلب واحد ، وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه ؛ كذلك يصح أن ينسب إلى الترك بالعرض والمجاز ويكون زجرا وردعا عنه ، فافهم (٣).
______________________________________________________
انقدح» ردّ للقول بالاقتضاء بنحو العينية ، ونسب هذا القول إلى القاضي ، وبعض المحققين حيث قالوا : بأن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده العام ، فالأمر بالصلاة ـ مثلا ـ عين النهي عن تركها ، فقولنا : «صلّ» عين قولنا : «لا تترك الصلاة» بتقريب : أن الأمر بالشيء ـ كالصلاة والنهي عن تركه عنوانان متحدان عينا ؛ وإن كانا متغايرين مفهوما ، فإن قولنا : «صلّ ولا تترك الصلاة» ، متغايران مفهوما لتغاير الأمر والنهي ، فالمراد بالعينية هي : العينية بحسب المصداق لا بحسب المفهوم.
(١) تعليل لوجه الانقداح. توضيح ذلك بعد تمهيد مقدمة وهي : أنه قد عرفت بساطة الوجوب ، وأن المنع من الترك من لوازمه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن اللزوم يقتضي الاثنينية يعني : كون المنع من الترك من لوازم الوجوب يقتضي الاثنينية ، ـ فلا وجه لدعوى العينية ـ إذ من البديهي : أن اللزوم إضافة متقومة بشيئين : أحدهما : لازم ، والآخر : ملزوم ، فيمتنع قيامه بشيء واحد ، فلا تصح دعوى العينية المنافية للاثنينية ، والمتحصل : أن الأمر والنهي متضادان ، فلا يعقل أن يكون أحدهما عين الآخر.
(٢) أي : لا بأس بالعينية بالعناية والمجاز ، لا حقيقة بأن يقال : إن قولنا : «صلّ» ـ مثلا ـ وإن كان طلبا واحدا نحو الفعل حقيقة ، إلّا إنه تصح نسبته إلى الترك أيضا بالعناية والمسامحة ، يعني : يصح التعبير عن طلب فعل الصلاة ، «لا تترك الصلاة مجازا» ؛ لأن الطلب تعلق حقيقة بالفعل ، فتعلقه بالترك لا بد أن يكون بالعرض والمجاز ، ولكن هذا النحو من العينية لا يفيد القائل بها إذ هو قائل بالعينية الحقيقية ، أي : يقول : إن مدلول «صلّ» هو : لا تترك الصلاة بعينه ، ولا يقول بها من باب المجازية والعناية.
(٣) لعله إشارة إلى : أن المراد من العينية هي العينية المصداقية ، ولا مانع منها. أو إشارة إلى : أن التوجيه المزبور ـ وهو نسبة الطلب إلى الفعل حقيقة وإلى الترك مجازا ـ يوجب الخروج عن موضوع كلامهم ؛ حيث إن مورده ـ على القول بالاقتضاء بأي : نحو من أنحاء الاقتضاء ـ هو : تعدد الحكم الموجب لتعدد العقاب على تقدير المخالفة ، والتوجيه المزبور ينفي التعدد ؛ لأن المفروض : وحدة الطلب المنسوب إلى الفعل حقيقة ، وإلى الترك مجازا ، فلا تعدد في الطلب حقيقة ، وإنما الاختلاف في مجرد اللفظ والتسمية.