فالعقلية هي : ما استحيل واقعا وجود ذي المقدمة بدونه.
والشرعية على ما قيل : ما استحيل وجوده بدونه شرعا ، ولكنه لا يخفى : رجوع الشرعية إلى العقلية ، ضرورة : إنه لا يكاد يكون مستحيلا شرعا إلّا إذا أخذ فيه شرطا وقيدا ، واستحالة المشروط والمقيد بدون شرطه وقيده يكون عقليا.
وأما العادية : فإن كانت بمعنى أن يكون التوقف عليها بحسب العادة ؛ بحيث
______________________________________________________
المعلول. والمراد بالنسبة إلى الإرادة حيث يستحيل وجود المعلول ، والمراد بدون وجود العلة والإرادة.
والشرعية : ما توقف وجود الشيء عليها شرعا ؛ كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، والفرق بين هاتين المقدمتين : أن المقدمة العقلية يستحيل وجود ذيها بدونها تكوينا. والمقدمة الشرعية يستحيل وجود ذيها جعلا وهو ما جعله الشارع شرطا للواجب.
والعادية : ما توقف وجود الشيء عليها عادة كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود على السطح ، بحيث يمكن تحقق ذي المقدمة بدونها كالسحب بالحبل مثلا ، إلّا إن العادة جرت على الصعود بواسطة السلم ، وحاصل ما أفاده المصنف بعد التقسيم والتعريف هو : رجوع الكل إلى العقلية.
وأما الشرعية : فلأن توقف وجود الشيء عليها شرعا لا يكون إلّا بأخذها شرطا في المأمور به الواجب ، ومن البديهي : أن استحالة المشروط بدون شرطه عقلية. هذا معنى رجوع المقدمة الشرعية إلى العقلية.
وبعبارة أخرى : توقف وجود الواجب ـ بما أنه واجب ـ على وجود الشرط مما يحكم به العقل بعد أخذه شرطا.
وأما العادية فرجوعها : إلى العقلية ؛ بمعنى دون معنى آخر.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة هي : أن المقدمة العادية تارة : تكون بمعنى : كون التوقف عليها بحسب الاعتياد مع إمكان وجود ذيها بدونها ؛ نظير لبس الحذاء أو الرداء عند الخروج إلى الحوزة العلمية لحضور الدرس.
وأخرى : تكون بمعنى : أن التوقف عليها فعلا واقعي ؛ لكنه باعتبار عدم إمكان غيره عادة لا عقلا ؛ كتوقف الصعود على السطح على نصب السلم.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المقدمة العادية بالمعنى الأول خارجة عن المقسم ؛ بمعنى : إنها لا تكون مقدمة حقيقة ، وبالمعنى الثاني ؛ وإن كانت داخلة في المقسم إلّا إنها ترجع إلى العقلية ، والدليل عليه : هو ضرورة : استحالة الصعود على السطح بدون مثل نصب السلم عقلا لغير الطائر فعلا ، وإن كان الطيران على السطح ممكنا ذاتا.