عديدة لحصول (١) العصيان بترك أول مقدمة لا يتمكن معه (٢) من الواجب ، ولا يكون ترك سائر المقدمات بحرام أصلا ؛ لسقوط التكليف حينئذ (٣) ، كما هو واضح لا يخفى.
وأخذ الأجرة على الواجب (٤) لا بأس به ؛ إذا لم يكن إيجابه على المكلف مجانا
______________________________________________________
(١) أي : قوله : «لحصول العصيان ...» إلخ تعليل لقوله : «ولا يكاد يحصل الإصرار» ، يعني : لا يحصل الإصرار على الحرام حتى يوجب الفسق ، وذلك لما ذكرناه من : أن المحرم هو : ترك المقدمة ، ولا يتحقق به الإصرار على الحرام.
(٢) أي : لا يتمكن المكلف ـ مع ترك أول مقدمة من مقدمات الواجب ـ على إتيان الواجب.
(٣) أي : لسقوط التكليف حين عدم التمكن ، فتسقط حرمة سائر المقدمات لأجل سقوط الوجوب النفسي ، فلا يرتكب المكلف إلّا حراما واحدا ، وهو لا يوجب الفسق على ما هو المفروض من : أن الموجب لحصول الفسق هو الإصرار على الحرام.
(٤) هذا إشارة إلى الإشكال المختص بالثمرة الثالثة وهي : حرمة أخذ الأجرة على المقدمة على القول بوجوبها.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : إن الواجب الذي أدعي أخذ الأجرة عليه إما توصلي أو تعبدي ، والثاني : يجوز أخذ الأجرة عليه إذا كان أخذ الأجرة من قبيل الداعي إلى الداعي كي لا ينافي عباديته.
والواجب التوصلي على قسمين : منه : ما أوجبه الشارع مجانا وبلا عوض ؛ كدفن الميت ، ومنه : ما يجب فعله مطلقا من دون تقييده بالمجانية ؛ بأن يكون الفعل بمعناه المصدري واجبا سواء أخذ الأجرة بإزائه أم لا كالصناعات الواجبة على المكلفين كفائية ، مثل : الخياطة والحياكة والفلاحة وغيرها مما يتوقف عليه نظام العالم ، ولا يكاد ينتظم بدونها البلاد ، ويختل لولاها معاش العباد ؛ بل ربما يقال : بأنه يجب الأجرة عليها لنفس الدليل الدال على وجوبها الكفائي أي : لزوم الاختلال وعدم الانتظام لو لا أخذ الأجرة عليها ، فكما يختل النظام لو لم يقم أحد بهذه الصناعات ؛ كذلك يختل النظام لو لم يأخذ الأجرة عليها أحد ، فلو لم يأخذ الخياط مثلا الأجرة على الخياطة لا ختل نظام معاشه.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن مجرد الوجوب لا يقتضي المجانية ، حتى يقال بحرمة أخذ الأجرة على المقدمة ؛ بل الحق : هو التفصيل بأن يقال : إن المقدمة إن كانت من القسم الأول من الواجبات التوصلية فلا يجوز أخذ الأجرة عليه ، وإلّا فيجوز أخذ