بل الضرورة (١) قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك (٢) ، كما أنها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيتها (٣) له مطلقا ، أو على تقدير التوصل بها إليه ، وذلك (٤) آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدماته على تقدير عدم التوصل بها إليه ، وأيضا (٥) حيث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب وحصوله ، فلا جرم يكون التوصل بها إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها.
______________________________________________________
(١) أي : بل الضرورة العرفية قاضية بجواز تصريح الآمر الحكيم بعدم مطلوبية المقدمة غير الموصلة ، كما أنها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبية مطلق المقدمة وإن كانت موصلة ، أو بعدم مطلوبية خصوص الموصلة ، فإن جواز التصريح عرفا بترك مطلوبية غير الموصلة ، ومن المعلوم : أن قبح التصريح بعدم مطلوبية مطلق المقدمة ، أو خصوص الموصلة آية عدم الملازمة عقلا بين وجوب ذي المقدمة ، وبين وجوب مطلق المقدمة ، ضرورة : عدم جواز التصريح بترك مطلوبية مطلق المقدمة ، أو خصوص الموصلة مع الملازمة المذكورة ؛ بل الملازمة تكون بين وجوب الواجب وبين وجوب خصوص مقدمته الموصلة. كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٣١٣» مع تصرف ما.
(٢) أي : إرادة السير الموصل إلى الحج ، وعدم إرادة السير غير الموصل إليه.
(٣) أي : المقدمة ، أي : كما أن الضرورة قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبية المقدمة للآمر مطلقا.
(٤) أي : جواز التصريح أو قبحه دليل عدم الملازمة بين الواجب ومقدمته غير الموصلة.
(٥) هذا إشارة إلى البرهان الثالث الذي تقدم بيانه ، فإن الغرض الداعي إلى إيجاب المقدمة حيث كان هو التوصل ، وغير الموصلة حيث لا توصّل فيها لا تكون متعلقة للغرض ، فلا تكون واجبة ؛ لأن المطلوب بالمقدمة هو التوصل بها إلى الواجب وحصول الواجب بها ، فلا محالة يكون التوصل بها إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها ، وعلى هذا : فلا تكون المقدمة «مطلوبة إذا انفكت عنه» أي : عن التوصل.
وخلاصة الكلام : أن صاحب الفصول قد استدل على مختاره بوجوه ثلاثة :
الأول : أن وجوب المقدمة يكون بحكم العقل مستقلا بالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته ، والمتيقن من حكم العقل هو : وجوب المقدمة الموصلة.
الثاني : هو جواز التصريح عقلا بعدم مطلوبية المقدمة غير الموصلة ، ولازم هذا التصريح هو : وجوب خصوص الموصلة.