وتحقيقه موكول إلى الأبحاث الآتية ، لكن نقول على وجه الإجمال : إن نفى الضرر عبارة عن نفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر ، ونفي الضرار عبارة عن أن لا يستغل حكم شرعي لأن يوقع إنساناً في الضرر تمسّكاً بذلك الحكم. مثاله : لو فرض أنّ وجوب الوضوء صار ضرريّاً ، ف «لا ضرر» ترفع هذا الحكم الذي نشأ منه الضرر. لكن لو فرضنا أن حكماً شرعياً لم يكن منشأً للضرر ؛ من قبيل : «الناس مسلّطون على أموالهم» إلّا أن إنساناً حاول أن يستغلّ هذا الحكم ليضرّ به أخاه ، كما لو كان شريكاً مع شخص آخر في جوهرة ثمينة لا تقبل القسمة ، فيقول ذاك : فلنبعها ونتقاسم الثمن ، ويصرّ الآخر على عدم التقسيم مستنداً إلى قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» فقانون السلطنة بنفسها ليست موجبة للضرر على حدّ وجوب الوضوء على المريض ، وإنما هي إرادة هذا الطرف لاستغلال هذا الحكم الشرعي بنحو يؤدّي إلى ضرر الآخر ؛ من هنا استدلّ الفقهاء عموماً على القسمة الإجبارية بقاعدة «لا ضرر ولا ضرار» مع أنه لا دليل على هذه القسمة لولا الإجماع وهذه القاعدة.
ولهذا المعنى تطبيق في نفس كلمات الأئمة (عليهمالسلام) فعن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في رجل شهد بعيراً مريضاً وهو يباع ، فاشتراه رجل بعشرة دراهم وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضى أن البعير بريء ، فبلغ ثمنه ثمانية دنانير ، قال : فقال : «لصاحب الدرهمين خُمس ما بلغ ، فإن قال أريد الرأس والجلد ، فليس له ذلك ، هذا