ويجوز أن يكون (إِلَى) نعتا لرسول ، فيتعلّق بمحذوف.
(أَنِّي) : في موضع الجملة ثلاثة أوجه :
أحدها ـ جرّ ؛ أي بأني ، وذلك مذهب الخليل ، ولو ظهرت الباء لتعلّقت برسول ، أو بمحذوف يكون صفة لرسول ؛ أي ناطقا بأنّي ، أو مخبرا.
والثاني ـ موضعها نصب على الموضع ، وهو مذهب سيبويه ، أو على تقدير : يذكر أنّي.
ويجوز أن يكون بدلا من رسول إذا جعلته مصدرا ، تقديره : ونعلمه أني قد جئتكم.
والثالث ـ موضعها رفع ؛ أي هو أني قد جئتكم ، إذا جعلت رسولا مصدرا أيضا.
(بِآيَةٍ) : في موضع الحال ؛ أي محتجّا بآية.
(مِنْ رَبِّكُمْ) : يجوز أن يكون صفة لآية ، وأن يكون متعلّقا بجئت.
(أَنِّي أَخْلُقُ) : يقرأ بفتح الهمزة ، وفي موضعه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ جرّ بدلا من آية.
والثاني ـ رفع ؛ أي هي أنّي.
والثالث ـ أن يكون بدلا من «أنّي» الأولى.
ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف ، أو على إضمار القول.
(كَهَيْئَةِ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمفعول محذوف ؛ أي هيئة كهيئة الطير ، والهيئة مصدر في معنى المهيّأ كالخلق بمعنى المخلوق.
وقيل : الهيئة اسم لحال لشيء ، وليست مصدرا ، والمصدر التّهيّؤ والتّهيئة.
ويقرأ كهية الطّير على إلقاء حركة الهمزة على الياء وحذفها.
وقد ذكر في البقرة اشتقاق الطّير وأحكامه.
والهاء في (فِيهِ) تعود على معنى الهيئة ؛ لأنّها بمعنى المهيّأ.
ويجوز أن تعود على الكاف ، لأنّها اسم بمعنى مثل ، وأن تعود على الطير ، وأن تعود على المفعول المحذوف.
(فَيَكُونُ) : أي فيصير ، فيجوز أن تكون كان هنا التامة ؛ لأنّ معناها صار ، وصار بمعنى انتقل.
ويجوز أن تكون الناقصة ؛ و «طائرا» على الأول حال ، وعلى الثاني خبر.
و (بِإِذْنِ اللهِ) يتعلّق بيكون. (بِما تَأْكُلُونَ) : يجوز أن تكون بمعنى الذي ، ونكرة موصوفة ، ومصدرية ، وكذلك ما الأخرى.
والأصل في (تَدَّخِرُونَ) : تذتخرون إلا أن الذال مجهورة والتاء مهموسة ، فلم يجتمعا ؛ فأبدلت التاء دالّا ، لأنّها من مخرجها لتقرّب من الذال ، ثم أبدلت الذال دالا وأدغمت.
ومن العرب من يقلب التاء ذالا ، ويدغم.
ويقرأ بتخفيف الذال وفتح الخاء ، وماضيه ذخر.
٥٠ ـ (وَمُصَدِّقاً) : حال معطوفة على قوله : (بِآيَةٍ) ؛ أي جئتكم بآية ومصدقا (لِما بَيْنَ يَدَيَّ).
ولا يجوز أن يكون معطوفا على وجيها ؛ لأنّ ذلك يوجب أن يكون «ومصدقا لما بين يديه» على لفظ الغيبة.
(مِنَ التَّوْراةِ) : في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في الظرف ، وهو بين. والعامل فيها الاستقرار ، أو نفس الظرف.
ويجوز أن يكون حالا من «ما» فيكون العامل فيها مصدقا.
و (لِأُحِلَ) : هو معطوف على محذوف ، تقديره : لأخفّف عنكم ، أو نحو ذلك.
(وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) : هذا تكرير للتوكيد ؛ لأنّه قد سبق هذا المعنى في الآية التي قبلها.
٥٢ ـ (مِنْهُمُ الْكُفْرَ) : يجوز أن يتعلّق «من» بأحسّ ، وأن يكون حالا من الكفر.
(أَنْصارِي) : هو جمع نصير ، كشريف وأشراف.
وقال قوم : هو جمع نصر ؛ وهو ضعيف ، إلا أن تقدّر فيه حذف مضاف ؛ أي من صاحب نصري ؛ أو تجعله مصدرا وصف به.
و (إِلَى) : في موضع الحال متعلّقة بمحذوف ؛ وتقديره : من أنصاري مضافا إلى الله ، أو إلى أنصار الله.
وقيل : هي بمعنى مع ، وليس بشيء ؛ فإن «إلى» لا تصلح أن تكون بمعنى مع ، ولا قياس يعضّده.
(الْحَوارِيُّونَ) : الجمهور على تشديد الياء ، وهو الأصل ؛ لأنّها ياء النسبة.
ويقرأ بتخفيفها ؛ لأنّه فرّ من تضعيف الياء ، وجعل ضمّة الياء الباقية دليلا على الأصل ؛ كما قرؤوا «يستهزيون» ، مع أن ضمة الياء بعد الكسرة مستقل.
واشتقاق الكلمة من الحور ؛ وهو البياض ، وكان الحواريّون يقصّرون الثياب. وقيل : اشتقاقه من حار يحور إذا رجع ، فكأنهم الراجعون إلى الله ؛ وقيل : هو مشتق من نقاء القلب وخلوصه وصدقه.
٥٣ ـ (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) : في الكلام حذف ، تقديره : مع الشاهدين لك بالوحدانية.
٥٤ ـ (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) : وضع الظاهر موضع المضمر تفخيما ؛ والأصل وهو خير الماكرين.
٥٥ ـ (مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) : كلاهما للمستقبل ، ولا يتعرفان بالإضافة ، والتقدير : رافعك إليّ ومتوفّيك ؛ لأنّه رفع إلى السماء ثم يتوفّى بعد ذلك.
وقيل : الواو للجمع ، فلا فرق بين التقديم والتأخير.
وقيل : متوفّيك من بينهم ، ورافعك إلى السماء ؛ فلا تقديم فيه ولا تأخير.
(وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ) : قيل هو خطاب لنبينا عليه الصّلاة والسلام ، فيكون الكلام تامّا على ما قبله.
وقيل : هو لعيسى. والمعنى : أن الذين اتبعوه ظاهرون على اليهود وغيرهم من الكفّار إلى قبل يوم القيامة بالملك والغلبة. فأمّا يوم القيامة فيحكم بينهم فيجازى كلّا على عمله.
٥٦ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) : يجوز أن يكون «الذين» مبتدأ (فَأُعَذِّبُهُمْ) خبره.
ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بفعل محذوف يفسّره فأعذبهم ؛ تقديره : فأعذب بغير ضمير مفعول لعمله في الظاهر قبله فحذف ، وجعل الفعل المشغول بضمير الفاعل مفسّرا له ، وموضع الفعل المحذوف بعد الصلة.
ولا يجوز أن يقدّر الفعل قبل الذين ؛ لأنّ «أمّا» لا يليها الفعل. ومثله : (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ). (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) ـ فيمن نصب.
٥٨ ـ (ذلِكَ نَتْلُوهُ) : فيه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ ذلك مبتدأ ، ونتلوه خبره.
والثاني ـ المبتدأ محذوف وذلك خبره ؛ أي الأمر ذلك ؛ ونتلوه في موضع الحال ؛ أي الأمر المشار إليه متلوا ، و (مِنَ الْآياتِ) : حال من الهاء.
والثالث ـ ذلك مبتدأ ؛ ومن الآيات خبره ؛ ونتلوه حال ، والعامل فيه معنى الإشارة.
ويجوز أن يكون ذلك في موضع نصب بفعل دلّ عليه «نتلوه» ؛ تقديره : نتلو ذلك ، فيكون من الآيات حالا من الهاء أيضا.