الولاية ، إلاّ إذا فُسّر ووضّح من قبل الصحابة والتابعين بجمل ولائية ، وقد أكّدنا مرارا على أنّ الإمام الكاظم فسّرها بالولاية ودعا إلى الحث عليها ، وقد جيء بها وبتفسيرها معها في عصر الغيبة الصغرى وقبل ولادة الشيخ الصدوق في حلب ، أمّا اعتقاد الصدوق بوضع المفوضة لها فلا يوافقه عليه السيّد المرتضى والشيخ الطوسي حسبما سنوضّحه لاحقا ، بل أفتيا بعدم الإثم في الإتيان بها ، وقالا بورود أخبار شاذّة عليها ، وهذا يؤكّد عدم قبولهما دعوى الوضع من قبل المفوّضة لتلك الأخبار ، بل يرون لتلك الأخبار الحجيّة الاقتضائية لا الفعلية.
وعليه فالشيعة وعبر التاريخ ـ وبحسب الادلة الواصلة إليهم ـ كانوا يأتون بها لا على نحو الشطرية والجزئية بل على نحو التفسيريّة ، والمحبوبية الذاتية ، والذكر المطـلق ، ولأجل هذا لم يمنعهم أو ينهاهم النبي ـ والأئمة من ذريته ـ بل حبذّوا ذلك ، إذ كان فيه بقاءُ الحقّ وشيوع مذهبهم ، حتى صار اليوم شعارا لهم.
وبهذا فقد اتّضح لنا أنّ للحيعلة معنى كنائيا ، قد عرفه بعض الصحابة والتابعين ، فمنهم من دعا إليها ، والآخر عارضها ، فترى أمثال : أبي ذر ، وسلمان ، كانا يدعوان إليها وإلى الشهادة الثالثة ـ كما في المحكيّ عن كتاب السلافة ـ أما عمر بن الخطاب وأتباعه ، فكانوا ينهـون عنها ، ولا يريدون حثّا عليها ودعـوة إليها.
وكذا الحال في العصور التي تلت عهد عمر وعثـمان ، فالإمام علي كان يُشيد بهذا الموقف الصحيح من مؤذنه ابن النباح ، ويقول : أهلاً بالقائل عدلاً (١).
وقد مرَّ عليك موقف الإمامين الحسن والحسين ، وأخيهما محمد بن الحنفية ومعارضتهم لفكرة الأمويين في بدء الأذان.
وكذا قول الإمام علي بن الحسين عن الحيعلة الثالثة أنّها كانت في الأذان الأول.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٨٨ / ح ٨٩٠ ، وسائل الشيعة ٥ : ٤١٨ / ح ٦٩٧٣.