واضحة لا غبار عليها رغم كلّ محاولات التضليل والإيهام من القرشيّين ، وعلى سبيل المثال ـ لا الحصر ـ فإنّ عبداللّه بن الزبير مكث أيّام خلافته أربعين جمعة لا يصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاة الجمعة ، فقيل له في ذلك ، فقال : لا يمنعني من ذكره إلاّ أن تشمخ رجال بآنافها ؛ إنّ له أُهيل بيت سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره (١)!
فلنأخذ مثالاً على ذلك ، وهو موضوع الإسراء والمعراج ؛ لأ نّه يرتبط بموضوع الأذان ، والمطالع فيما قلناه سابقا يقف على الأقوال التي قيلت في مكان الإسراء ، فهو : إمّا من شعب أبي طالب (٢) ، أو من بيت خديجة (٣) ، أو من بيت أُمّ هاني بنت أبي طالب (٤) ـ أُخت الإمام عليّ ـ هذه هي الأقوال المشهورة ، وكلّها ترتبط بنحوٍ ما بآل أبي طالب.
لكنّهم حرَّفوا الأمر وجعلوه من بيت عائشة ، في حين يعلم المحقّق الخبير وبتأمّل بسيط بأنّ هذا تحريف للحقائق ؛ لأنّ المعروف عن عائشة أنّها كانت صغيرة لم تشاهد ، ولا حدثت عن النبي ، وكذا معاو ية فإنّه كان كافرا في ذلك الوقت غير مشاهد للحال ولم يحدث عن النبي ، هذان الشخصان هما مَن روى بأنّ إسراء رسول اللّه كان في المنام ، لا في اليقظة ، في حين أنّ الباري جلّ شأنه يقول في محكم كتابه : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) والعرب لا تقول للنائم : ( أَسْرَى ) وخصوصا لو جاء مع قوله : ( بعبده ) والذي هو عبارة عن مجموع الروح
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦١ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ : ٦٢ والنصّ من الاخير.
(٢) فتح الباري ٧ : ٢٠٤ ، الدر المنثور ٥ : ٢٢٧.
(٣) التفسير الكبير للرازي ٤ : ١٦ ، المجموع للنووي ٩ : ٢٣٥ ، شرح الازهار ١ : ١٩٩.
(٤) تفسير الطبري ١٥ : ٢ ، الدر المنثور ٥ : ٢٠٩ ، فتح الباري ٧ : ٢٠٤.