وقال الله
تعالى (إذ يلقون أقلمهم
أيّهم يكفل مريم) [الآية ٤٤] لأنّ كل ما كان من طلب العلم فقد يقع بعده الاستفهام. تقول : «أزيد
في الدّار»؟ و: «لتعلمنّ أزيد في الدّار». وقال (لنعلم أىّ الحزبين) [الكهف : الآية ١٢] أي : لننظر. وقال تعالى (ليبلوكم أيّكم أحسن
عملا) [هود : الآية ٧].
وأمّا قوله (ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ على
الرّحمن عتيّا) (٦٩) [مريم : الآية ٦٩] فلم يرتفع على مثل ما ارتفع عليه الأول لأن قوله (لننزعنّ) [مريم : الآية ٦٩] ليس بطلب علم. ولكن لما فتحت «من» و «الذي» في غير موضع «أي»
صارت غير متمكنة إذ فارقت أخواتها تركت على لفظ واحد وهو الضم وليس بإعراب. وجعل (أشدّ) من صلتها وقد نصبها قوم وهو قياس. وقالوا : «إذا تكلّم
بها فإنّه لا يكون فيها إلّا الأعمال». وقد قرىء (تماما على الّذى أحسن) [الأنعام : الآية ١٥٤] فرفعوا وجعلوه من صلة «الذي» وفتحه على الفعل أحسن.
وزعموا أن بعض العرب قال : «ما أنا بالّذي قائل لك شيئا» فهذا الوجه لا يكون
للاثنين إلا «ما نحن بالّلذين قائلان لك شيئا».
وقال تعالى (اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها) [الآية ٤٥] نصبه على الحال (ومن المقربين) [الآية ٤٥] عطفه على (وجيها) [الآية ٤٥] وكذلك (وكهلا) [الآية ٤٦] معطوف على (وجيها) [الآية ٤٥] لأن ذلك منصوب. وأما قوله تعالى (بكلمة مّنه اسمه
المسيح) [الآية ٤٥] فإنه جعل «الكلمة» هي «عيسى» لأنه في المعنى كذلك. كما قال (أن تقول نفس يا حسرتا) [الزمر : ٥٦] ثم قال (بلى قد جآءتكءايتى
فكذّبت بها) [الزّمر : الآية ٥٩] وكما قالوا : «ذو الثديّة» لأن يده كانت مثل الثدي. كانت
قصيرة قريبة من ثديه فجعلها كأن اسمها «ثديّة» ولو لا ذلك لم تدخل الهاء في
التصغير.
وأما قوله (كذلك الله) [الآية ٤٠] فكسر الكاف لأنها مخاطبة امرأة ، وإذا كانت الكاف للرجل فتحت.
قال للمؤنث (واستغفري لذنبك إنك
كنت من الخاطئين) [يوسف : ٢٩].
وقوله (ويعلّمه الكتب والحكمة) [الآية ٤٨] موضع نصب على (وجيها) [الآية ٤٥]. و (رسولا) [الآية ٤٩] معطوف على (وجيها) [الآية ٤٥].
وقال تعالى (ومصدّقا لّما بين يدىّ) [الآية ٥٠] على قوله (وجئتكم) [الآية ٥٠] (مّصدّقا لّما بين
يدىّ) لأنّه قال (قد جئتكم بآية من
ربّكم) [الآية ٤٩].