آمنوا فاعل أي يستجيب المؤمنون لربهم باتباع دينه والثالث أن معناه يطلب المؤمنون الإجابة من ربهم واستفعل هذا على بابه من الطلب ، والأول أرجح لدلالة قوله : ويزيدهم من فضله ؛ ولأنه قول ابن عباس ومعاذ بن جبل. (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي يزيدهم ما لا يطلبون ، زيادة على الاستجابة فيما طلبوا ، وهذه الزيادة روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنها الشفاعة والرضوان.
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) أي بغى بعضهم على بعض ، وطغوا ؛ لأن الغنى يوجب الطغيان ، وقال بعض الصحابة : فينا نزلت لأنا نظرنا إلى أموال الكفار فتمنيناها (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) قيل لعمر رضي الله عنه : اشتد القحط وقنط الناس. فقال : الآن يمطرون ، وأخذ ذلك من هذه الآية ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : اشتدي أزمة تنفرجي (١) (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) قيل : يعني المطر فهو تكرار للمعنى الأول بلفظ آخر ، وقيل : يعني الشمس وقيل : بالعموم (وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) لا إشكال ؛ لأن الدواب في الأرض وأما في السماء فقيل : يعني الملائكة وقيل : يمكن أن تكون في السماء دواب لا نعلمها نحن وقيل : المعنى أنه بث في أحدهما فذكر الاثنين كما تقول في بني فلان كذا وإنما هو في بعضهم (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) يريد جمع الخلق في الحشر يوم القيامة (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) المعنى أن المصائب التي تصيب الناس في أنفسهم وأموالهم ؛ إنما هي بسبب الذنوب قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر (٢). وقرأ نافع وابن عامر بما كسبت بغير فاء على أن يكون ما أصابكم بمعنى الذي وقرأ الباقون بالفاء على أن يكون ما أصابكم شرطا (بِمُعْجِزِينَ) قد ذكر الجواري (٣) جمع جارية وهي السفينة (كَالْأَعْلامِ) جمع علم وهو الجبل (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ)
__________________
(١). أورده المناوي في التيسير وعزاه للقضاعي في الشهاب عن علي وفيه ضعف ونكارة.
(٢). لم أجده ومعناه صحيح وروى أحمد عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري حديثا يقاربه في المعنى ج ٣ ص ١٨ وأوله : ما يصيب المرء المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلّا كفّر الله به من خطاياه.
(٣). الجواري : قرأ نافع بإثبات الياء وصلا دون الوقف ، وقرأ أهل الكوفة والشام بدون ياء وصلا ووقفا.