سورة القارعة
مكية وآياتها ١١ نزلت بعد قريش
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْقارِعَةُ) من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بهولها ، وقيل : هي النفخة في الصور لأنها تقرع الأسماع (مَا الْقارِعَةُ) مبتدأ وخبر في موضع خبر القارعة ، والمراد به تعظيم شأنها ، كذلك (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) العامل في الظرف محذوف دل عليه القارعة تقديره ، تقرع في يوم ، والفراش هو الطير الصغير الذي يشبه البعوض ، ويدور حول المصباح. والمبثوث هو المنتشر المفترق. شبّه الله الخلق يوم القيامة به في كثرتهم وانتشارهم وذلتهم ، ويحتمل أنه شبههم به لتساقطهم في جهنم. كما يتساقط الفراش في المصباح. قال بعض العلماء : الناس في أول قيامهم من القبور كالفراش المبثوث ، لأنهم يجيئون ويذهبون على غير نظام ، ثم يدعوهم الداعي فيتوجهون إلى ناحية المحشر ؛ فيكونون حينئذ كالجراد المنتشر. لأن الجراد يقصد إلى جهة واحدة ، وقيل :
الفراش هنا الجراد الصغير وهو ضعيف (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) العهن هو الصوف ، وقيل : الصوف الأحمر وقيل : الصوف الملون ألوانا ، شبّه الله الجبال يوم القيامة به ، لأنها تنسف فتصير لينة ، وعلى القول بأنه الملون يكون التشبيه أيضا من طريق اختلاف ألوان الجبال ؛ لأن منها بيضاء وحمراء وسوداء.
(مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) هو جمع ميزان أو جمع موزون ، وميزان الأعمال يوم القيامة له لسان وكفتان عند الجمهور ، وقال قوم : هو عبارة عن العدل (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) معناه ذات رضا عند سيبويه : وثقل الموازين بكثرة الحسنات وخفتها بقلتها ، ولا يخف ميزان مؤمن خفة موبقة لأن الإيمان يوزن فيه (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) فيه ثلاثة أقوال : أحدهما أن الهاوية جهنم سميت بذلك لأن الناس يهوون فيها أي يسقطون ، وأمه معناه مأواه كقولك : المدينة أم فلان أي مسكنه على التشبيه بالأمّ الوالدة لأنها مأوى الولد ومرجعه. الثاني أن الأم هي الوالدة ،