سورة الماعون
مكية ثلاث الآيات الأول ، مدنية الباقي : وآياتها ٧ نزلت بعد التكاثر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) قيل : إن هذا نزل في أبي جهل وأبي سفيان بن حرب ، وقيل : هو مطلق والدين هنا الملة أو الجزاء (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) أي يدفعه بعنف ، وهذا الدفع يحتمل أن يكون عن إطعامه ، والإحسان إليه أو عن ماله وحقوقه ، وهذا أشدّ والذي لا يحض على طعام المسكين لا يطعمه من باب أولى. وهذه الجملة هي جواب أرأيت لأن معناها : أخبرني فكأنه سؤال وجواب والمعنى : انظر الذي كذب بالدين ، تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة ، والأعمال السيئة ، وإنما ذلك لأن الدين يحمل صاحبه على فعل الحسنات. وترك السيئات فمقصود الكلام ذمّ الكفار وأحوالهم (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) قيل : إن هذا نزل في عبد الله بن أبيّ بن سلول المنافق ، والسورة على هذا نصفها مكي ونصفها مدني قاله أبو زيد السهيلي. وذلك أن ذكر أبي جهل وغيره من الكفار أكثر ما جاء في السور المكية ، وذكر السهو عن الصلاة والرياء فيها ، إنما هو من صفة الذين كانوا بالمدينة ، لا سيما على قول من قال : أنها في عبد الله بن أبيّ ، وقيل : إنها مكية كلها وهو الأشهر ، ونزل آخرها على هذا في رجل أسلم بمكة ولم يكن صحيح الإيمان ، وقيل : مدنية ، والسهو عن الصلاة هو تركها أو تأخيرها تهاونا بها.
وقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون ، قال : الذين يؤخرونها عن وقتها وقال عطاء بن يسار : الحمد لله الذي قال (عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ولم يقل في صلاتهم (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) هو من الرياء أي صلاتهم رياء للناس لا لله (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) وصف لهم بالبخل وقلة المنفعة للناس. وفي الماعون أربعة أقوال : الأول أنه الزكاة ، والثاني أنه المال بلغة قريش. الثالث أنه الماء ، الرابع أنه ما يتعاطاه الناس بينهم كالآنية والفأس والدلو والمقص ، وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ فقال الماء والنار والملح وزاد في بعض الطرق الإبرة والخميرة.