إلا وبينه وبين النبي صلىاللهعليهوسلم قرابة : الثاني أن القربى بمعنى الأقارب ، أو ذوي القربى ، والمعنى إلا أن تودّوا أقاربي وتحفظوني فيهم ، والمقصد على هذا وصية بأهل البيت : الثالث أن القربى قرابة الناس بعضهم من بعض ، والمعنى أن تودوا أقاربكم ، والمقصود على هذا وصية بصلة الأرحام : الرابع أن القربى التقرّب إلى الله ، والمعنى إلا أن تتقربوا إلى الله بطاعته ، والاستثناء على القول الثالث والرابع منقطع ، وأما على الأول والثاني فيحتمل الانقطاع ، لأن المودّة ليست بأجر ، ويحتمل الاتصال على المجاز كأنه قال : لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فجعل المودة كالأجر (يَقْتَرِفْ) أي يكتسب (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) يعني مضاعفة الثواب.
(أَمْ يَقُولُونَ) أم منقطعة للإنكار والتوبيخ (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) فالمقصد بهذا قولان : أحدهما أنه رد على الكفار في قولهم افترى على الله كذبا : أي لو افتريت على الله كذبا لختم على قلبك ، ولكنك لم تفتر على الله كذبا فقد هداك وسددك ، والآخر أن المراد : إن يشأ الله يختم على قلبك بالصبر على أقوال الكفار وتحمل أذاهم (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) هذا فعل مستأنف غير معطوف على ما قبله ، لأن الذي قبله مجزوم ، وهذا مرفوع فيوقف على ما قبله ويبدأ به ، وفي المراد به وجهان : أحدهما أنه من تمام ما قبله : أي لو افتريت على الله كذبا لختم على قلبك ومحا الباطل الذي كنت تفتريه لو افتريت ، والآخر أنه وعد لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يمحو الله الباطل وهو الكفر ، ويحق الحق وهو الإسلام (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (١) عن هنا بمعنى من ، وكأنه قال التوبة الصادرة من عباده وقبول التوبة على ثلاثة أوجه : أحدها التوبة من الكفر فهي مقبولة قطعا والثاني التوبة من مظالم العباد فهي غير مقبولة حتى تردّ المظالم أو يستحل منها والثالث التوبة من المعاصي التي بين العبد وبين الله فالصحيح أنها مقبولة بدليل هذه الآية وقيل : إنها في المشيئة (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا ، وأما العفو دون التوبة فهو على أربعة أقسام الأول العفو عن الكفر وهو لا يكون أصلا ، والثاني العفو عن مظالم العباد وهو كذلك والثالث العفو عن الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر ، وهو حاصل باتفاق الرابع العفو عن الكبائر فمذهب أهل السنة أنها في المشيئة ، ومذهب المعتزلة أنها لا تغفر إلا بالتوبة (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) فيه ثلاثة أقوال أحدها أن معنى يستجيب يجيب والذين آمنوا مفعول ، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى أي يجيبهم فيما يطلبون منه. وقال الزمخشري : أي أصله يستجيب للذين آمنوا فحذف اللام. والثاني أن معناه يجيب والذين
__________________
(١). قرأ حفص وغيره : ويعلم ما تفعلون بالتاء وقرأ الباقون : يفعلون بالياء.