سورة العلق
مكية وآياتها ١٩ وهي أول ما نزل من القرآن
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
نزل صدرها بغار حراء ، وهو أول ما نزل من القرآن حسبما ورد عن عائشة في الحديث الذي ذكرناه في أول الكتاب (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) فيه وجهان : أحدهما أن معناه اقرأ القرآن مفتتحا باسم ربك ، أو متبركا باسم ربك وموضع باسم ربك نصب على الحال ولذا كان تقديره : مفتتحا ، فيحتمل أن يريد ابتداء القراءة بقول : بسم الله الرحمن الرحيم أو يريد الابتداء باسم الله مطلقا والوجه الثاني أن معناه اقرأ هذا اللفظ وهو باسم ربك الذي خلق فيكون باسم ربك مفعولا وهو المقروء (الَّذِي خَلَقَ) حذف المفعول لقصد العموم كأنه قال : الذي خلق كل شيء ، ثم خصص خلقة الإنسان لما فيه من العجائب والعبر ، ويحتمل أنه أراد الذي خلق الإنسان كما قال (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ) ثم فسره بقوله (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) والعلق جمع علقة ، وهي النطفة من الدم والمراد بالإنسان هنا جنس بني آدم ، ولذلك جمع العلق لما أراد الجماعة بخلاف قوله (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) [الحج : ٥] لأنه أراد كل واحد على حدته ، ولم يدخل آدم في الإنسان هنا لأنه لم يخلق من علقة وإنما خلق من طين (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) كرر الأمر بالقراءة تأكيدا والواو للحال والمقصود تأنيس النبي صلىاللهعليهوسلم كأنه يقول : افعل ما أمرت به فإن ربك كريم. وصيغة أفعل للمبالغة (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) هذا تفسير للأكرم فدل على أن نعمة التعليم أكبر نعمة ، وخص من التعليمات الكتابة بالقلم لما فيها من تخليد العلوم ومصالح الدين والدنيا ، وقرأ ابن الزبير : علم الخط بالقلم (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) يحتمل أن يريد بهذا التعليم الكتابة ، لأن الإنسان لم يكن يعلمها في أول أمره أو يريد التعليم لكل شيء على الإطلاق ، وقيل : إن الإنسان هنا سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، والأظهر أنه جنس الإنسان على العموم.
(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) نزل هذا وما بعده إلى آخر السورة في أبي جهل بعد نزول صدرها بمدة ، وذلك أنه كان يطغى بكثرة ماله ويبالغ في عداوة النبي صلى الله عليه وعلى