أحدهما : كل عمل يعمله الإنسان في طريق المسلمين يضر بالمارة. وثانيهما : كل عمل يعمله في ملك غيره. فإنه يثبت ضمان السبب وإن لم يكن مباشرا ، ولا تسبيبه تسبيبا توليديا ، كما في نفور الدابة وقتلها راكبها أو سائقها أو غيرهما ، وقد تقدم ذلك في النوع الأول والثاني من أنواع التسبيب ، وما نحن فيه لا يقل عنه.
قلت : ما ذكرته مسلم وقد ثبت بالنص الخاص. ولكن إلحاق ما نحن فيه لا يتم إلا بناء على القياس الذي لا نقول به. هذا : مضافا إلى أنه منقوض بثبوت عدم الضمان في نظيره بالإجماع كما تقدم في النوع الثالث.
وقد قالوا هناك أن من أجج نارا في ملكه فأحرق مال غيره أو أجرى ماء فأغرق لم يكن ضامنا ...
النوع الرابع : من أنواع الإتلاف ، بالتسبيب التوليدي الذي هو في قوة المباشرة ، وضابطه أن لا يتوسط بين السبب والمسبب إرادة فاعل مختار ، ولا أمور كونية تمنع من صحة إسناد الإتلاف للسبب إسنادا حقيقيا بنظر العقلاء ، ولا ينبغي الريب في كون المسبب ضامنا في القرض ، وعدّه في الجواهر من الإتلاف بالمباشرة واستوضح الضمان فيه ولعله جعله من الضروري أو المتسالم عليه كما أتخطره فعلا.
قلت : ولا ينبغي الريب في كونه نوعا من أنواع مباشرة الإتلاف فإن سببية دفع إنسان آخر في بئر أو أتون في الموت أو الكسر أو الاحتراق أوضح من سببية ضربه بالعصا أو إطلاق النار عليه من البندقية.
ولا فرق في ذلك بين قصد ترتب الأثر الحاصل أو الأقل منه أو عدم القصد. فلو دفعه بقصد المداعبة أو أطلق عليه النار من بندقية يعتقد عدم وجود طلقة في جوفها أو معتقدا بأنها غير صالحة ، فقتله ، كان ضامنا ويدل على ذلك روايات كثيرة.
منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في رجل دفع رجلا على رجل فقتله .. فقال (ع) : الدية على الذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول.