يخصص عموم الوارد و (دعوى) الانصراف مطلقا أو بقرينة المورد (حسنة) ، إلّا
أن عهدتها على مدعيها.
إذا عرفت هذا
فاعلم : أن لفظ (فيه) صالح للانطباق على التقسيم والترديد ، وإن كان ظهورها في
التقسيم أجلى ، لأن الترديد يفتقر إلى تقدير مضاف ، وهو لفظ ـ احتمال ـ فيكون
المعنى كل شيء فيه احتمال الحلال والحرام فهو حلال. وهذا يشمل الشبهة الحكمية
والموضوعية. ويجمعهما ، لاشتراكهما في احتمال الحلال والحرام ، غاية الأمر أنه في
أحدهما من حيث جهل الحكم ، وفي الآخر من حيث جهل الموضوع بخلاف التقسيم ، فإنه لا
يفتقر إلى تقدير ، بل يكون الكلام ظاهرا فيه بدونه. ألا ترى أنه وإن صح تقدير
موصوف محذوف (فيقال : فيه قسم حلال وقسم حرام) ، إلّا أن المعنى ظاهر بدونه ،
بخلاف تقدير المضاف ، أعني تقدير لفظ احتمال ، وحذف المضاف وإن كان أهون لشيوعه ،
إلّا أن المصير إلى دعوى حذف الموصوف هنا أولى لوضوحه وذلك لشيوع حذف الموصوف في
باب التقسيم ، فيكون من الظاهر الذي لا يحتاج إلى تقدير ، وهو مقدم على الظاهر
الذي يحتاجه ، لأن الأصل العقلائي يقضي بعدمه.
إذا عرفت هذا
كله ، عرفت ظهورها في الشبهات الموضوعية. ومع ذلك ، يمكن تقريب هذا الاستظهار بعدة
قرائن
أولها
: قوله (ع) :
فيه .. كما مر.
ثانيها : قوله (ع) : منه .. بدعوى ظهورها في التقسيم دون
الترديد ، وربما يقال : بعدم صلاحيتها للترديد ، ألا ترى أنه يصح أن يقال : الغنم
منه حلال ومنه حرام ، وأن ذلك لا يصح بالنسبة للحكم المشكوك ، فإن حكم التتن
المردد بين الحل والحرمة لا يصح فيه إلا الترديد.
ثالثها
: قوله (ع) :
حتى تعرف .. فإن المعرفة تتعلق بالجزئيات ، بخلاف العلم فإنه يتعلق بالكليات ،
ولذا يقال : عرفت زيدا ، ولا يقال : علمته .. نص على ذلك التفتازاني في المطول على
ما أتخطره. وفيه : أن المعرفة