المقام الثاني : في أن القاعدة هل هي مختصة بالشبهة الموضوعية أو شاملة لها وللحكمية؟. قولان.
حكي أولهما عن المحقق القمي ، وصاحب الفصول ، وشيخنا المرتضى وتلميذه المحقق الآشتياني ، وجل الاخباريين كما يظهر من محكي كلام الصدر.
وحكي ثانيهما عن السيد في شرح الوافية وبعض آخر ، كما يظهر.
والتحقيق أن قوله (ع) فيه الحلال والحرام .. إما في مقام بيان حكم ما ينقسم إليهما ، وإما في مقام بيان حكم ما يتردد حكمه بينهما. فإذا كانت في مقام بيان حكم ما ينقسم. إليهما اختصت ، لأن الموضوعات تقبل القسمة الفعلية والشأنية ، باعتبار تصنفها إلى صنفين ، واتصافها بوصفين ، فيقال : الغنم مثلا منه حلال ومنه حرام ، كالموطوء وغيره ، والمذكى وغيره ، والجلال وغيره. والمشروب مثلا فيه خل وفيه خمر. والكلام حينئذ يفتقر إلى موصوف محذوف تقديره كل شيء فيه قسم حلال وقسم حرام. بل لا يحتاج إلى هذا التقدير ، لأن (الالف واللام) تغني عنه ، فإنها كناية عن الشيء نظير قولهم الكلام منه المعرب ومنه المبني. فإنه بمنزلة قولهم منه الكلام المعرب ومنه الكلام المبني. ومثله قولهم : الكلام منه معرب ومنه مبني.
وأما إذا كانت في مقام بيان حكم ما يتردد حكمه بينهما ، فإنها لا تصلح للتقسيم ، وإنما تصلح للترديد لأن الواقعة الواحدة ، كالتتن مثلا إذا تردد حكمها بين الحلية والحرمة ، صدق عليها أنها مما تردد حكمه بينهما. ويمكن أن يقال : حينئذ بشمولها للشبهة الموضوعية والحكمية ، لوجود الترديد في كلا الموردين ، ألا ترى أنه يصدق على المائع المردد بين الخمر المعلوم الحرمة ، والخل المعلوم الحل أنه مردد بينهما. غاية الأمر أن التردد في المثال الأول بين الحكمين ابتداء. وفي الثاني بينهما بتوسط التردد بين انطباق المحكومين على المصداق الخارجي. وعلى هذا التقدير لا بد من تقدير مضاف محذوف ، ليستقيم الكلام. فيكون المعنى : كل شيء فيه احتمال الحرمة والحلية فهو حلال. ولا يحتاج إلى الجامع ، لأن مفهوم الترديد هو جامع ينطبق عليهما. ولا عبرة بالمورد فإنه لا