وفائدة حادية عشرة ، وهي : أن هذه السورة قد اشتملت على جنسين من الأخبار :
أحدهما : براءته من معبودهم ، وبراءتهم من معبوده ، وهذا لازم أبدا.
الثاني : إخباره بأن له دينه ولهم دينهم.
فهل هذا متاركة وسكوت عنهم ، فيدخله النسخ بالسيف ، أو التخصيص ببعض الكفار ، أم الآية باقية على عمومها وحكمها ، غير منسوخة ولا مخصوصة؟.
فهذه عشر مسائل في هذه السورة. فقد ذكرنا منها مسألة واحدة ، وهي وقوع «ما» فيها بدل «من».
فلنذكر المسائل التسع مستمدين من فضل الله ، مستعينين بحوله وقوته ، متبرئين إليه من الخطأ ، فما كان من صواب فمنه وحده لا شريك له ، وما كان من خطأ فمنا ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه.
فأما المسألة الثانية ، وهي : فائدة تكرار الأفعال. فقيل فيها وجوه :
أحدها : أن قوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) نفى للحال والمستقبل ، وقوله : (أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) مقابله ، أي لا تفعلون ذلك. وقوله : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) أي لم يكن مني ذلك قط قبل نزول الوحي ، ولهذا أتى في عبادتهم بلفظ الماضي فقال «ما عبدتم» فكأنه قال : لم أعبد قط ما عبدتم. وقوله : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) مقابله ، أي لم تعبدوا قط في الماضي ما أعبده أنا دائما.
وعلى هذا فلا تكرار أصلا. وقد استوفت الآيات أقسام النفي ماضيا وحالا ومستقبلا عن عبادته وعبادتهم بأوجز لفظ وأخصره وأبينه ، وهذا إن شاء الله أحسن ما قيل فيها. فلنقتصر عليه ولا نتعداه إلى غيره. فإن الوجوه