انفتح ما قبلهما فلا تمد (١) ، نحو قوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) (٢) ، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣).
وهذا مدّ وسط وهو أنقص من الأول ؛ لأنه تمكين من الهمزة يوصله به إلى الهمزة (٤) ، والهمز أخف من التشديد فلذلك كان المد فيه أنقص.
ـ والوجه الثالث من المد : هو الذي يسمى البسط وهو أن يكون الهمزة في كلمة أخرى مثل قوله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) (٥) ، (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) (٦) ، و (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) (٧).
وهذا البسط أيضا تمكين من الهمزة ، لمّا كانت الهمزة في كلمة أخرى استغنت عن مده بعد ما بينهما لأنك إذا قلت : قوا فهو كلام تام ، ثم قلت : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ ،) لم يكن مثل : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) (٨) ، لأنك لا تقدر أن تفرق بين الحرف وبين الهمزة كما فرقت بين (قُوا) وبين (أَنْفُسَكُمْ) فاطلب نظائرها في القرآن.
ـ وقد قيل : إن المدّ في القرآن على أصناف.
ـ منها مد الحجز ، وهو كل مد يكون بعده حرف مشدد ، كقوله تعالى :
__________________
(١) قال مكي القيسي : ويكون المد أيضا في حرفي اللين إذا أتت بعدهما همزة أو مشدّد ، نحو شيء وسوء.
(٢) سورة التوبة : آية ٩٨.
(٣) سورة الأنعام : آية ٦.
(٤) وذلك أن حروف المدّ حروف خفيّة ، والهمزة حرف جلد بعيد المخرج ، صعب في اللفظ ، فلمّا لا صقت حرفا خفيّا خيف عليه أن يزداد بملاصقة الهمزة له خفاء فيبيّن بالمد ليظهر ، وكان بيانه بالمدّ أولى لأنّه يخرج من مخرجه بمدّ ، فبيّن بما هو منه.
راجع الكشف عن وجوه القراءات ١ / ٤٦.
(٥) سورة التحريم : آية ٦.
(٦) سورة الذاريات : آية ٢١.
(٧) سورة البقرة : آية ٥.
(٨) سورة الفرقان : آية ٤٨.