باب
إن سئل عن قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (١). فعلى ما ذا ارتفع (تُطَهِّرُهُمْ؟)
قلنا : قرىء هذا بقراءتين : الجزم والرفع (٢).
وأمّا الجزم فلا سؤال عليه ؛ لأنّه جواب الأمر.
وأمّا من قرأ بالرفع فالوجه ما قال الفرّاء : إنّه إذا أوقعت الفعل على نكرة كان ذلك فيه وجهان : الجزم على جواب الأمر ، والرفع على أنه صلة النكرة بمنزلة الذي (٣) ، كأنّ تقدير الكلام : خذ من أموالهم صدقة التي هي طهارة لهم وزكاة.
وهذا كقول القائل : أعرني دابّة أركبها وأركبها.
ـ وإذا كان الفعل الذي بعد النكرة ليس للأول ، ولا يصلح فيه إضمار الهاء فليس فيه إلا الجزم ، كقولك : هب لي ثوبا أتجمّل به ، فلا يصح فيه إلا الجزم ؛ لأنّ الهاء لا تصلح للتجمل فنقول : أتجمله ، وأمّا قوله : أعرني دابة أركبها فالهاء يصلح فيه.
__________________
(١) سورة التوبة : آية ١٠٣.
(٢) قرأ جميع القراء (تُطَهِّرُهُمْ) بالرفع ما عدا الحسن البصري فإنّه قرأ بالجزم ، وقراءته شاذة.
(٣) وعبارة الفراء : وما كان من نكرة قد وقع عليها أمر جاز في الفعل بعده الجزم والرفع.
انظر معاني القرآن ١ / ٣٢٥.