ـ وقد تقام مقام الاسم والصفة ، كقوله : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١). ومعناه : ما منا أحد ، أو : ما منا ملك ، لأن من للتبعيض فإذا ذكرتها فإنها تقتضي المبعّض لا شك. قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) (٢) ، (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) (٣) ، أي : ومن الذين هادوا قوم ، (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ) (٤). أي : وممن حولكم من الأعراب قوم ، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٥). أي : ما منكم أحد.
قال الشاعر :
٦١٣ ـ مهر أبي الحارث لا تشلّ |
|
بارك فيك الله من ذي ألّ |
يريد : من مهر ذي ألّ. أي : ذي سرعة.
ـ ووجه آخر في «من» أنها تستعمل في الإضافة تأكيدا ، يقال : قد اشتد النزاع مني إليك ، أي : اشتد نزاعي. وقال الله تعالى : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) (٦). أي : عقدة لساني ، فلولا هذا التقدير وإلا لأدّى المعنى إلى أن كان على لسانه عقد كثيرة حتى طلب من الله تعالى حل عقدة واحدة من العقد ، لأن النكرة في الإثبات لا تعم.
ـ وقال عز من قائل : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٧) ، وقال تعالى ، حكاية عن نبيه زكريا عليهالسلام : (إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) (٨).
__________________
(١) سورة الصافات : آية ١٦٤.
(٢) سورة النساء : آية ١٥٩.
(٣) سورة النساء : آية ٤٦.
(٤) سورة التوبة : آية ١٠١.
(٥) سورة مريم : آية ٧١.
٦١٣ ـ البيت لأبي الخضر اليربوعي ، يمدح عبد الملك بن مروان وكان أجرى مهرا فسبق ، يقال : ألّ الفرس يئل ألّا : إذا اضطرب وأسرع.
والبيت في اللسان مادة ألل ، وأمالي القالي ٤٢ ، والتنبيه على أوهام القالي ٢٩ ، والروض الأنف ٢ / ٢٦.
(٦) سورة طه : آية ٢٧.
(٧) سورة آل عمران : آية ١٣٣.
(٨) سورة مريم : آية ٤.