فأطرح عليه صخرة ، فقال سلام بن مشكم : لا تفعلوا والله ليخبرنّ بما هممتهم به ، فأوحى الله تعالى إليه ما [كادوه](١) به ، فنهض سريعا فتوجه إلى المدينة ولحقه أصحابه ، فقالوا : قمت يا رسول الله ولم نشعر! فقال : همّت يهود بالغدر ، فأخبرني الله بذلك فقمت ، وبعث إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم محمد بن مسلمة : أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني وقد هممتم بما هممتم به ، وقد أجّلتكم عشرا ، فمن رؤي بعد ذلك منكم ضربت عنقه ، فأخذوا في التجهيز ، فدسّ إليهم ابن أبيّ يقول : لا تخرجوا فإن معي ألفين من قومي وغيرهم ، وتمدّكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان ، فاغترّوا بقوله ، فأرسلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقولون : إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك ، فكبّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكبّر المسلمون لتكبيره ، وقال : حاربت [يهود](٢) ، ثم سار إليهم في أصحابه ، فلما رأوه قاموا على حصونهم معهم النبل والحجارة فاعتزلتهم قريظة وخذلهم ابن أبيّ وحلفاؤهم من غطفان ، وحاصرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إحدى وعشرين ليلة ، وقطع نخلهم ، فضرعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طلب الصلح فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على ما [يأمرهم](٣) به ، فقالوا : ذلك لك ، فصالحهم على الجلاء ، وعلى أن لهم ما أقلّت إبلهم من أموالهم إلا الحلقة ، وهي السلاح (٤).
__________________
(١) في الأصل : دوه. والتصويب من ب.
(٢) في الأصل : اليهود. والمثبت من ب.
(٣) في الأصل : مرهم. والتصويب من ب.
(٤) أخرج بعضه أبو داود (٤ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ح ٣٠٠٤). وأخرجه مطولا عبد الرزاق (٥ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ح ٩٧٣٣) ، وعزاه السيوطي في الدر (٨ / ٩٣) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وأبي داود وابن المنذر والبيهقي في الدلائل. ـ