ترى» (١).
ويروى : أن بعض عمّال الرشيد بنى قصرا إلى جانب قصره ، فنمّ به إليه فقال : يا أمير المؤمنين! إن الكريم يسرّه أن يرى أثر نعمته ، فأحببت أن أسرّك بالنظر إلى آثار نعمتك ، فأعجبه كلامه (٢).
وقال بعضهم : الشكر بإظهار حسن الحال أبلغ من الشكر بالمقال.
ويروى : أن جعفر بن يحيى البرمكي (٣) ـ رحمهماالله ـ ركب لحاجة ، وكان طريقه على بيت الأصمعي (٤) ، فدفع إلى غلام له كيسا فيه ألف دينار ، وقال : إني سأنزل في رجعتي إلى الأصمعي ، ثم سيحدثني ، ويضحكني ، فإذا ضحكت ، فضع الكيس بين يديه ، فلما دخل جعفر على الأصمعي ، رأى عنده حبّا (٥) مكسور الرأس ، وجرّة ملتوية العنق ، وقصعة مشعّبة ، ورآه على مصلّى بال وعليه برّكان (٦) أجرد ، فغمز غلامه أن لا يضع الكيس بين يديه ، فلم يدع الأصمعي شيئا مما
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ١٢٣ ح ٢٨١٩) ، وأحمد (٣ / ٤٧٣).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (١ / ٥٤٢ ـ ٥٤٣).
(٣) جعفر بن يحيى بن خالد ، أبو الفضل البرمكي ، وزير الرشيد العباسي وأحد مشهوري البرامكة ، قتل مع البرامكة في وقعة الرشيد بهم سنة سبع وثمانين ومائة (تاريخ بغداد ٧ / ١٥٢ ، والأعلام ٢ / ١٣٠).
(٤) عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الأصمعي ، أبو سعيد الباهلي البصري ، راوية العرب وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان ، ونسبته إلى جده أصمع. توفي سنة ست عشرة ومائتين (الأعلام ٤ / ١٦٢).
(٥) الحبّ ـ بضم الحاء المهملة وتشديد الباء المعجمة وضمها ـ : الجرّة الضخمة (اللسان ، مادة : حبب).
(٦) البرّكان ـ أو البرنكان ـ : هو ضرب من الثياب. قال الفرّاء : كساء من صوف له علمان ، وقيل : برنكان على وزن زعفران (اللسان ، مادة : برنك).