عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (٢٣)
قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) قال الزجاج (١) : الأصل في أمّهات : أمّات ، ولكن الهاء زيدت مؤكدة ، كما زادوا هاء في : أهرقت الماء ، وإنما أصله : أرقت.
وقيل : الأصل في أمّ : أمّهة. قال قصي بن كلاب :
.......... |
|
أمّهتي خندف وإلياس أبي (٢) |
والمراد : تحريم نكاحهن ، لأنه المتبادر إلى الأفهام عند الإطلاق خصوصا ، وقد احتفت به قرائن في سباق الآية وسياقها ، ومن له أنس بعرف اللغة يعلم أنهم يريدون بقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] : أكلها ، وحرّم الطعام ، أي : أكله ، دون لمسه [وتقليبه] (٣) وحرّمت عليكم الجارية ، أي : وطؤها ، فيذهبون في تحريم كل عين إلى ما هي معدّة له.
وذهب جماعة من الأصوليين إلى أنها مجملة ؛ لأن الأعيان لا تتصف بالتحريم حقيقة ، وإنما يحرم فعل يتعلق بها ، فلا يدرى ما ذلك الفعل في الأمهات مثلا ، أو في
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ٢١٤).
(٢) عجز بيت لقصي بن كلاب ، وصدره : (عبد يناديهم بهال وهبي). انظر : اللسان ، مادة : (أمم ، أمه) ، والمحتسب (٢ / ٢٣٤) ، والهمع (١ / ٢٣) ، وشرح المفصل لابن يعيش (١٠ / ٣) ، والخزانة (٣ / ٣٠٦) ، والقرطبي (٥ / ١٠٧) ، والدر المصون (٢ / ٣٤١) ، والأمالي لأبي علي القالي (٢ / ٣٠١) ، وروح المعاني (١٤ / ٢٠٠).
(٣) في الأصل : وتقبيله. وقد صححت في الهامش إلى : وتقليبه.