وذلك بمعاينة الملك.
وقد أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده ، بإسناده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «تقبل توبة العبد ما لم يغرغر بنفسه» (١).
(فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) وعد من الله الكريم بقبول التوبة.
قوله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) قال ابن عباس : يريد : الشرك (٢).
وقال أبو العالية (٣) وسعيد بن جبير : النفاق (٤).
والأظهر في نظري : أنها سيئات المسلمين ، لأن الكلام في الزانيين والإعراض عنهما. وهو قول سفيان الثوري (٥) ، واحتج بقوله : (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ).
قوله : (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) أي : نزل به سلطانه ، وعاين الملائكة ، (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) فحينئذ لا تقبل توبته ، لأنه يصير مضطرا. والقبول يتوقف على الإيمان الاختياري ، والتوبة الاختيارية.
وقد روي أن لقمان عليهالسلام قال لابنه : يا بني لا تؤخر التوبة ، فإن ملك
__________________
(١) أخرجه أحمد (٢ / ١٥٣ ح ٦٤٠٨).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣ / ٩٠١). وذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٢٧) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ٣٨) ، والسيوطي في الدر المنثور (٢ / ٤٦١) وعزاه لابن جرير.
(٣) رفيع بن مهران ، أبو العالية الرّياحي البصري ، الإمام المقرئ الحافظ المفسر ، من كبار التابعين. توفي سنة تسعين (سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٠٧ ، والإصابة ٢ / ٥١٤).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٣ / ٩٠٠). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ٣٨).
(٥) أخرجه الطبري (٤ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ٣٨).