في استحقاق العذاب؟
قلت : نفي الظلم عن الله إثبات لوصفه بالعدل.
فالمعنى : ذلك العذاب سببه أمران :
أحدهما : ما قدمت أيديكم من المعاصي التي بعضها قتل الأنبياء.
والثاني : عدل الله في خلقه ، والعادل لا بد وأن يأخذ للمظلوم من الظالم ، فصار معنى الكلام : ذلك العذاب بما قدمت أيديكم من قتل الأنبياء وغيره وبأن الله عادل يقتصّ منكم.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا ..). الآية نزلت في كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، وحيي بن أخطب ، في جماعة من اليهود ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : إن الله عهد إلينا ، يعنون في التوراة : (أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ) أي : لا نصدقه ، (حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ) يتقرب به إلى الله ، من ذبح أو غيره ، (تَأْكُلُهُ النَّارُ) ، وكان هذا من سنن المرسلين خلا عيسى بن مريم عليهالسلام (١).
قال السدي : أمرهم الله في التوراة أن لا يصدّقوا أحدا يزعم أنه رسول الله حتى يأتي بقربان تأكله النار ، إلا المسيح ، ومحمدا ، وكان نزول النار لأكل القربان علامة لقبوله (٢).
__________________
(١) أخرج نحوه الطبري (٤ / ١٩٧) ، وابن أبي حاتم (٣ / ٨٣١) كلاهما عن ابن عباس. وذكره الواحدي في أسباب النزول (ص : ١٣٨) عن الكلبي ، وابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٥١٦) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٣٩٨) وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (١ / ٥٢٨ ـ ٥٢٩).