ذلك قد تمّ عند قدومه إلى مصر فأخذه عن بعض مشائخها ، أو يكون قد حمل منه
نسخة معه فتملّى منها بعد رجوعه من رحلته.
ومن المفيد أن
أذكر أني قد وقفت في تفسير الطبري على رواية لمحمّد بن عبد الله بن عبد الحكم (ت
٢٦٨ ه / ٨٨٢ م) فقيه أهل مصر وتلميذ يحيى بن سلّام يرويها مباشرة عن يحيى بن سلّام ويرويها الطبري مباشرة
عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. يقول الطبري : " هذا مع شهادة الخبر الذي
حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا يحيى بن سلّام ..."
والمقارنة بين
تفسيري الطبري وابن سلّام تبرز الشبه واضحا بينهما في المنهج ، والروايات ، وكثيرا
ما يتفق الإسناد بينهما. كما يتفق كلاهما في اختيار القراءة التي يتبنّاها . وسيظهر ذلك جليا للقارئ الكريم أثناء تحقيق نصّ
التفسير حيث تكثر الإحالة على تفسير الطبري.
وهنا ينشأ سؤال
عن الأسباب التي دعت إلى هذا التطور في كتابة التفسير. والإجابة التي يمكن تقديمها
من خلال التفسير الذي نحن بصدده أنّ الذي دفع يحيى بن سلّام إلى هذا التوسّع حجما
وكيفا قد يعود إلى أمرين اثنين :
الأمر الأول :
كثرة الشيوخ الذين روى عنهم يحيى بن سلّام . وهذا الأمر ، وإن لم ينفرد به ابن سلّام ، فإنّ
الابتعاد عن عصر نشأة التفسير قد يكون سببا في رغبة تسجيل مرويات السابقين خوفا
عليها من التلاشي.
الأمر الثاني :
وهو الأهمّ ، إلقاء التفسير بالقيروان ، وهي منطقة نائية ، أهلها بحاجة إلى المزيد
من المعرفة بأسرار العربية عموما وبمعاني القرآن والتعمّق بمعرفة أساليبه على وجه
الخصوص ، كما أنّهم كانوا بحاجة إلى الاطلاع على المرويات الحديثية لأن العصر
بالقيروان كان عصر تأسيس للثقافة الإسلامية ،
__________________