ونظيره ما إذا ورد أكرم العلماء فإن للعلماء وإن كان عموما أفراديا إلا أن لكل واحد من الأفراد إطلاقا أحواليا.
وقد يتحقق الأفرادي دون الأحوالي كما إذا قال أعتق رقبة ثم قال وجميع حالاتها عندي متساوية ، أو إنه لم يكن من جهة الحالات في مقام البيان فالرقبة مطلقة من حيث الأفراد ولا إطلاق لها من حيث الأحوال.
وقد يتحققان معا كما إذا قال إن ظاهرت فأعتق رقبة فللرقبة إطلاقان من حيث الأفراد والأحوال أي أيّة رقبة كانت وفي أيّ حال كانت.
الرابع : قد يكون مجرى الإطلاق والتقييد اللفظ وقد يكون الغرض المستفاد من المولى ،
فالأول : هو اللفظ المشكوك في شموله لما له من المعنى كالأمثلة السابقة.
والثاني : هو المعنى المستفاد فإذا استفدنا من ناحية المولى حكما من الأحكام بعثا أو زجرا أو غيرهما بواسطة لفظ أو غير لفظ وشككنا في دخالة شيء في غرضه أو مانعية أمر عن ذلك ، وكان في مقام بيان تمام ما له دخل في غرضه ولم يتعرض لشيء ولم ينبه على غير ما علمناه أمكن التمسك حينئذ لعدم دخل شيء في غرضه بأنه لو أراد ذلك لأفاد وأشار إلى ما يبين المراد ويسمى هذا بالإطلاق المقامي في مقابل الإطلاق اللفظي ، فإذا قال اغتسل من الجنابة وشككنا في شرطية قصد الأمر في الغسل جاز التمسك لنفي الشرطية بهذا الإطلاق وإن لم يجز التمسك بالإطلاق اللفظي للزوم الدور أو الخلف. وكذا لو كان في مقام بيان شرائط المأمور به مثلا فعدّ شروطا خاصة جاز التمسك بعدم شرطية غيرها بالإطلاق ، ويسمى هذا بالإطلاق المقامي.
الخامس : يعرف مما ذكرنا أن ألفاظ المطلق كالمذكورات وغيرها لا دلالة لها وضعا إلا على الماهية المبهمة ، فالشيوع والسريان من طواريها وعوارضها الثانوية يكون خارجا عما وضع له وحينئذ فلا بدّ في دلالة اللفظ عليه من قرينة مقالية كقوله : أعتق رقبة ، أية رقبة كانت ، أو حالية كما إذا علم من حاله أنه يحبّ عتق الرقاب مطلقا ، وقد تكون الدلالة بما يسمى مقدمات الحكمة ، وهي مركبة من مقدمات ثلاث :
إحداها : إحراز كون المتكلم في مقام بيان المراد لا بيان أمر مجمل وإحالة التوضيح إلى مقام آخر.