وها نحن نشرع في مطالب الكتاب على ترتيب حروف أوائل المصطلحات ليسهل الوصول إليها مستمدا من المحسن المجمل ومستعينا بالمنعم المفضل.
الابتلاء وعدم الابتلاء
المشهور أن كل تكليف إلهي من إيجاب أو تحريم مشروط في مقام فعليته بعدة شرائط عقلية غير ما لاحظه الشارع شرطا له بالخصوص.
والمسلم منها أربعة : البلوغ والعقل والقدرة والالتفات ، وتسمى بالشرائط العامة ، فالصبي والمجنون والعاجز عن الامتثال والغافل لا حكم لهم فعليا ، وإن قلنا بكونه ثابتا في حقهم اقتضاء وإنشاء. بمعنى أن الملاك في أفعالهم موجود والإنشاء في حقهم مجعول ولكن لا إرادة جدية بالنسبة إليهم.
هذا وقد أضيف إليها في التكليف التحريمي شرط آخر يسمى بالابتلاء ، فقيل إن النهي لا يكون فعليا ما لم يصر متعلقه محلا لابتلاء المكلف.
وبيانه : أن الغرض من النهي المنع عن إرادة المكلف للحرام لئلا يتحقق منه في الخارج وحينئذ لو كان الحرام مترقب الحصول منه بحيث كان المكلف مريدا له أو يصح ويمكن تولد الإرادة في نفسه فلا إشكال في صحة النهي عنه فعلا ، ولو كان بعيد الحصول منه جدا كما لو كان الخمر المطلوب تركها في البلاد النائية ولا يصح من الشخص تولد الإرادة فعلا على شربها ، فلا يصح النهي عنها نهيا فعليا بل يصح معلقا على الظفر بها والوصول إليها لأن الغرض من النهي وهو عدم الإرادة وعدم تحقق الفعل