الثاني : المتعارضان القابلان للتبعيض مع كونهما ظاهرين في الدلالة ، كما إذا روى عدل عن المعصوم أنه قال أكرم العلماء وروى آخر أنه قال لا تكرمهم.
الثالث : المتعارضان القابلان للتبعيض مع كونهما نصين كما إذا روى أحدهما أنه قال يجب إكرام جميع العلماء بلا استثناء ، وروى آخر أنه قال يحرم إكرام الجميع بلا استثناء.
ثم إن مبنى المشهور كما ذكرنا هو أخذ سند وطرح آخر ترجيحا أو تخييرا في جميع الأمثلة الثلاثة.
ولكن قد وقع الخلاف من بعض في المثال الثاني والثالث ، أما الثاني فقد عرفت أن مذهب ابن أبي جمهور فيه هو الجمع الدلالي ، بأن يؤخذ السندان ويؤول الظاهران.
وأما الثالث فحيث إنهما نصان لا يمكن التأويل في دلالتهما فقد ذهب بعض إلى أخذ السندين والجمع بين الدلالتين بالتبعيض في التصديق كما ذكرنا في البينتين فيصدق كل واحد من العدلين في بعض ما أخبرا به ، وتكون النتيجة حينئذ وجوب إكرام البعض كعدولهم مثلا وحرمة إكرام آخرين كفساقهم ، إلا أن هذا النحو من الجمع مع أنه لا تساعد عليه الأدلة ، يستلزم المخالفة القطعية في أحكام الله تعالى بلا قيام دليل عليه ولا يقاس هذا بتعارض البينتين لما ذكرنا من السيرة العقلائية فيه.