كسب الغنم وديفوه (١) بماء الورد وضعوه على الخراج فإنه نافع بإذن الله إن شاء الله فجعل من يحضره المتوكل يهزأ من قوله فقال لهم الفتح وما يضر من تجربة ما قال فو الله إني لأرجو الصلاح به فأحضر الكسب وديف بماء الورد ووضع على الخراج فانفتح وخرج ما كان فيه وبشرت أم المتوكل بعافيته فحملت إلى أبي الحسن عشرة ألف دينار تحت ختمها واستبل المتوكل (٢) من علته.
فلما كان بعد أيام سعى البطحاني بأبي الحسن ع إلى المتوكل وقال عنده أموال وسلاح فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلا ويأخذ ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه قال إبراهيم بن محمد فقال لي سعيد الحاجب ـ صرت إلى دار أبي الحسن ع بالليل ومعي سلم فصعدت منه إلى السطح ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة فلم أدر كيف أصل إلى الدار فناداني أبو الحسن ع من الدار يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة صوف وقلنسوة منها وسجادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة فقال لي دونك البيوت فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا ووجدت البدرة مختومة بخاتم أم المتوكل وكيسا مختوما معها فقال لي أبو الحسن ع دونك المصلى فرفعته فوجدت سيفا في جفن ملبوس فأخذت ذلك وصرت إليه فلما رأى خاتم أمه على البدرة بعث إليها فخرجت فسألها عن البدرة فأخبرني بعض الخادم الخاصة أنها قالت كنت نذرت في علتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمك على الكيس ما حركها وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار فأمر أن يضم إلى البدرة بدرة أخرى وقال لي احمل ذلك إلى أبي الحسن واردد السيف والكيس عليه بما فيه فحملت ذلك إليه واستحييت منه فقلت يا سيدي عز علي دخولي دارك بغير إذنك ولكني مأمور فقال لي (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
__________________
(١) الكسب : عصارة الدهن قال في البحار ولعلّ المراد هنا ما يشبهها ممّا يتلبد من السرقين تحت رجل الشاة. وداف الشيء بالشيء : خلطه
(٢) أي برئ.