الدنيا ورفعها وأعلاها وإذا عرفت أن كل حسيني في الدنيا من ولد علي بن الحسين زين العابدين ع ظهر لك كيف بارك الله في ذريته الطاهرة وزكاها وإذ فكرت في جموع أعدائهم وانقراضهم تبينت أن العناية الإلهية تولت هذه العترة الشريفة وأبادت من عاداها وسعدت في الدنيا والآخرة وسعد من والاها وقد تظاهرت الأخبار أن الله تعالى اختارها واصطفاها واختار شيعتها واجتباها.
ولما رأى الحسين ع إصرارهم على باطلهم وظهور علائم الشقاء على أخلاقهم وفعائلهم وأن إبليس وجنوده قادوا في أشطانهم (١) وحبائلهم علم بسعادة من قتلوه وشقاوة قاتلهم وتحقق أنه قد (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) فلا ينجع فيهم نصح ناصحهم ولا عذل عاذلهم فجد في حربهم على بصيرة واجتهد وصبر صبر الكرام على تلك العدة وذلك العدد وتفصيل ذلك يأتي في باب مصرعه ع.
ويعز علي أن يجري بذكره لساني أو يسمح بسطره بناني أو أتمثله في خاطري وجناني فإني أجد لذكره ألما وأبكي لمصابه دمعا ودما وأستشعر لما بلغ منه هما وندما ولكن لا حيلة فيما جرى به القضاء والقدر وإن ذممنا الورد فإنا نحمد الصدر والله يجازي كلا على فعله ولا يبعد الله إلا من كفر
السابع في كرمه وجوده ع
قال كمال الدين رحمهالله تعالى قد تقدم في الفصل المعقود لذكر كرم أخيه الحسن ع قصة المرأة التي ذبحت الشاة وما وصلها به لما جاءته بعد أخيه الحسن ع وأنه أعطاها ألف دينار واشترى لها ألف شاة وقد اشتهر النقل عنه ع أنه كان يكرم الضيف ويمنح الطالب ويصل الرحم وينيل الفقير ويسعف السائل ويكسو العاري ويشبع الجائع ويعطي الغارم ويشد من الضعيف ويشفق على اليتيم ويعين ذا الحاجة وقل أن وصله مال إلا فرقه.
وروى أن معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير وثياب وافرة وكسوات
__________________
(١) الاشطان جمع الشطن : الحبل الطويل.