اللهم إنك تكفي من كل شيء ولا يكفى منك شيء فاكفنيه فقال له ما يقرك عندي فقال له أبو عبد الله قد بلغت أشياء لم يبلغها أحد من آبائي في الإسلام وما أراني أصحبك إلا قليلا ما أرى هذه السنة تتم لي قال فإن بقيت قال ما أراني أبقي قال فقال أبو جعفر احسبوا له فحسبوا فمات في شوال آخر كلامه.
وقال الشيخ المفيد رحمهالله باب ذكر الإمام القائم بعد أبي جعفر محمد بن علي ع من ولده وتاريخ مولده ودلائل إمامته ومبلغ سنه ومدة خلافته ووقت وفاته وموضع قبره وعدد أولاده ومختصر من أخباره.
وكان الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ع من بين إخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالإمامة من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا وأجلهم في العامة والخاصة ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم ما نقلوا عن أبي عبد الله ع فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل وكان له ع من الدلائل الواضحة في إمامته ما بهرت العقول وأخرست المخالف عن الطعن فيها بالشبهات.
وكان مولده بالمدينة سنة ثلاث وثمانين ومضى ع في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة ودفن في البقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن ع وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وكانت إمامته ع أربعا وثلاثين سنة ووصى إليه أبو جعفر ع وصية ظاهرة ونص عليه بالإمامة نصا جليا.
فروى محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع قال لما حضرت أبي الوفاة قال يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا قلت جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا.